أطباء في خانات النُكران.. عندما عصفت “كورونا” بـ إنسانية الجهلاء

لأن الإنسانية جبلة إلهية منحها لله لأصحاب القلوب الرحيمة والضمائر اليقظة والعقول التي كساها الله بنور العلم وانتشلها من غياهب الظلمات، كان الشعب المصري اليوم مكسُوا بالحزن ومتوحدا في تعاطفه مع الدكتورة سونيا عبد العظيم، الطبيبة التي أهدت روحها إلى أبناء مصر، فما كان من أهل قريتها "شبرا البهو" بمحافظة الدقهلية إلا نكران الجميل ورفض السماح لجثمانها بالدفن في مقابر القرية بزعم الخوف من انتشار عدوى فيروس كورونا.
القضية التي جرت أحداثها في قرية صغيرة بمركز أجا بمحافظة في وسط الدلتا، لم تكن لتعبر عن واقع المصريين الذين عرفهم التاريخ على مر العصور، بحب الخير وصحوة الضمير، لكن قلة من الجهلاء صدروا صورة مختلة للمواطن المصري، استنكرها الجميع ورفضها المسؤولون بحزم وشدة بلغت حد القبض على 23 من اهل القرية.
ويستعرض صدى البلد خلال هذا التقرير نماذج سلبية وأخرى إيجابية لتعامل المواطنين مع الأطباء أو مصابي كورونا في تلك الفترة، والتي انكشف معها معدن الكثيرين.
قصة الطبيبة الشهيدة سونيا عبد العظيم
يروي نجل الشهيدة الدكتور أحمد الهنداوي أن والدته التي كانت تعاني من مرض السكر، توفيت بسبب إصابتها بـ فيروس كورونا المستجد، مشيرا إلى أن الأسرة أرادت دفنها في مقابر العائلة في شبرا البهو.
وأضاف انهم فوجئوا بتجمهر الأهالي ومنع انزال الجثمان كما تعدوا على سيارة الإسعاف التي تحمل جثمان والدته، على الرغم من المفاوضات مع الأهالي قبل وصول الشرطة.
وقال نجل الطبيبة المتوفاة إن الشرطة كان لها دور كبير بعد 5 ساعات من تأخر الدفن، حيث فرقت الأهالي وتمكنا من إتمام إجراءات الدفن وفق المعايير الصحية المتبعة من جانب وزارة الصحة.
طبيبة الإسماعيلية دينا مجدي
ظهرت الطبيبة دينا مجدي المقيمة في مدينة الاسماعيلية في فيديو بثته عبر حسابها على موقع الفيسبوك تروي فيه تفاصيل معاناتها والتنمر ضدها من جانب سكان العقار الذي تسكن فيه.
قالت دينا إنها عقب عودتها لقضاء الأجازة من عملها في احد مستشفيات العزل الصحي لمصابي كورونا، فوجئت بتجمهر أهل المنطقة أسفل العقار الذي تسكن فيه للمطالبة بطردها منه، حيث كانت في حالة كبيرة من الدهشة والمفاجأة.
قالت دينا إنها استنجدت بالشرطة خوفا من اقتحام منزلها أو التعرض لها بأي ضرر، حيث أنقذتها الشرطة وفرقت المتجمهرين قبل أن تحرر ضدهم محاضر، وهو الأمر الذي دعمته فيه نقابة الاطباء بالاسماعيلية.
جيران طبيب أسوان يستقبلونه بالزغاريد
قضى الدكتور سامح سمير، 14 يوما متواصلا من العمل في مستشفى العزل الصحي في أسوان قائما على أحوال المرضى ورعايتهم والعناية بهم، على الرغم من اختلاطه الزائد بالمرضى بطبيعة عمله والتهديد المستمر لحياته.
ولم يكن يتوقع الطبيب أن يستقبله أهالي منطقته بهذه الطريقة عند وصوله إلى بيته، حيث أطل عليه جيرانه من الشرفات في وقت الحظر بالتحية والزغاريد وعبارات الثناء والشكر المتواصل في مشهد تناقلته وسائل الإعلام في مصر موجهين تحية للطبيب وجيرانه الأوفياء.
مواقف المصريين مع الأطباء
"جيش مصر الأبيض" هكذا اطلقت مصر على أطبائها في تلك الفترة العصيبة، باعتبارهم خط الدفاع الأول عن المصريين، وهو تعبير من الجميع عن مدى الشكر والاعتزاز للأطباء في شتى مجالاتهم.
ولأن المواقف السيئة هي التي تأخذ بعدا إعلاميا، لكن مواقف المصريين الشاكرة للأطباء ومجهوداتهم كثيرة ومتعددة، تنقلها آلاف الهاشتاجات والفيديوهات والبروموهات المصورة والمبادرات التي حملت رسائل للاطباء وثمنت مجهوداتهم الكبيرة لمحاربة فيروس كورونا.

المصدر : صدي البلد