الموروث العربي الاماراتي

بقلم: [محمد الصيعري ابو عامر]

الموروث العربي الإماراتي: جذورٌ تتجدد في قلب الحداثة

تُمثِّل دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجاً فريداً للتمازج بين الأصالة والحداثة، حيث تحتفظ بتراثها الثقافي الغني كدرعٍ لحماية هويتها العربية والإسلامية، وسط تنوّع ثقافي يضم أكثر من 200 جنسية. يعكس هذا الموروث قِيَماً اجتماعية وفنية وحضارية توارثتها الأجيال، مدعومةً بجهود مؤسسية لصونها من الاندثار في ظل التطور السريع .

### **1. العادات والتقاليد: نسيجٌ اجتماعي متين**
– **الضيافة والتسامح**: تُعدُّ القهوة العربية رمزاً للكرم، تُقدَّم في فناجين صغيرة مع التمر، مصحوبة بطقوس “السنع” التي تحكم آداب الاستقبال والتعامل مع الضيوف، مثل تقديمها باليد اليمنى وإعادة ملء الفنجان حتى يشير الضيف بالامتناع .

### **2. الفنون والحرف اليدوية: إبداعٌ يتحدى الزمن**
– **الملابس التقليدية**: يتميز الرجال بـ”الكندورة” البيضاء و”البشت” المطرَّز، بينما ترتدي النساء “العباءة” السوداء مع “الشيلة” و”البرقع” كرمز للاحتشام .
– **الحرف اليدوية**:
– **السدو**: حياكة الخيم والسجاد من صوف الأغنام.
– **التلي**: تطريز الملابس بخيوط معدنية.
– **صناعة الخناجر**: تُزيَّن بالفضة وتُعتبر رمزاً للفخر .

### **4. المواقع الأثرية: شواهد على عراقة التاريخ**
– **منطقة العين**: مدرجة في قائمة اليونسكو، وتضم واحات وقلاعاً مثل “قصر المويجعي”.
– **موقع أم النار**: يكشف عن حياة العصر البرونزي وتجارته مع بلاد الرافدين.
– **مسجد البدية**: في الفجيرة، يعود للقرن الخامس عشر ويتميز بقبابه الفريدة .

### **5. الجهود المؤسسية: حماية التراث في عصر العولمة**
– **المتاحف والمهرجانات**:
– **متحف اللوفر أبوظبي**: يعرض روائع عالمية مع التركيز على الحضارات العربية.
– **مهرجان قصر الحصن**: يعيد إحياء الحرف التقليدية والفنون الشعبية .
– **التسجيل الدولي**: سجلت اليونسكو “الصقارة” و”القهوة العربية” كتراث إنساني، إلى جانب “حرفة السدو” و”فن العيالة” .

### **6. التراث في قلب الحداثة: رؤية الشيخ زايد**
آمن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بأن “من ليس له ماضٍ ليس له حاضر ولا مستقبل”، فجسَّد التوازن بين ناطحات السحاب وقرى الطين، ودعم إنشاء المتاحف والقرى التراثية مثل “قرية التراث” في أبوظبي، التي تعرض الحياة التقليدية للبدو والصيادين .

**خاتمة**
الموروث الإماراتي ليس مجرد ذكريات ماضوية، بل هو روح حية تُغذي الحاضر وتُلهِم المستقبل. عبر التمسك بالتقاليد وانفتاحها على العالم، تُقدِّم الإمارات درساً في كيفية الحفاظ على الهوية دون عزلة، مُثبتةً أن التراث كنزٌ لا يُقدَّر بثمن في رحلة التقدم.