وسط زخم المعركة ضد وباء كورونا، يظهر الدور الحقيقي لجنود فارقوا الحياة تاركين بصماتهم.
فوسط تضحيات وبطولات الأطباء حول العالم تتذكر "اسوشيتد برس" الطبيب المصري أحمد اللواح، الذي كان صمام أمان عائلته.
أحب اللواح ابن مدينة بورسعيد عائلته بأكملها، الزوجة، الاخوات، وبالطبع أولاده وكان يلعب في كثير من الأحيان مع الأطفال ويسألهم عن آمالهم وأحلامهم، وفقا للوكالة.
وفي حديث مع ابنه محمد صاحب الـ13 عاما، يقول اللواح لابنه "أريدك أن تصبح طبيبا"، لكن شقيقته مي تفاجئت وسألته بعفوية "لماذا؟.. تقول دائما ان الطب مجا صعب"، فكان رد اللواح "أريده أن يسلك طريقي ويأخذ مكاني فيما بعد"، حسبما تنقل عنهم "اسوشيتد برس".
لكن بعد يومين من هذا الحديث، اكتشف اللواح أنه خالط مريضا مصابا بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، بعدها، عزل اللوح نفسه على الفور، وفي غضون أسبوعين مات الطبيب صاحب الـ 57 عامًا ، تاركًا وراءه عائلة في حالة ضدمة ومجتمع في حالة حداد.
بالنسبة لعائلته، لم يكن الأمر يسيرا، تقول شقيقته الصغرى مي للوكالة "أنا لا أعرف كيف ستكون الحياة بدون.. لقد كان العمود الفقري لعائلتنا"، وتابعت "كلنا نسأل بعضنا البعض.. ماذا سنفعل بدونه؟"
وتقول في تقريرها أن اللواح كان الابن الأكبر بين سبعة أشقاء وهو الذي اعتنى بالجميع، مشيرة إلى أن الجميع كانوا يلجأون إليه للحصول عالمشورة.
وترصد الوكالة لمحة عن حياة اللواح الذي ينتمي لعائلة بورسعيدية وعمل والده بمجال الاستيراد والتصدير، وكان الطبيب يسافر معه أحيانا في رحلات العمل ويساعده في إدارة الأعمال، كما تعيش العائلة بأكملها تقريبا في عمارة واحدة وسط بورسعيد، ليتمكنوا من البقاء معا في مختلف المراحل.
أما بالنسبة لمي شقيقة اللواح الصغرة، فكان الطبيب بمثابة "الأب" فكان هو من اشترى لها ا زيًا مدرسيًا عندما كانت طفلة وأخذها في نزهات أثناء فترة الإجازة، ويوم زفافها، كان يصرخ كأنه والدها وليس شقيقها، وفقا للوكالة.
بينما تقول حنين – احدى بنات اخوته – إن اللواح هو الذي قام بتربيتها فعليا منذ أن كان والديها في ليبيا، كما كان مسئولا عن الأطفال، واصفة الطبيب بـ"الفارس النبيل ورجل الأخلاق"، مؤكدة أنه كان يعتني بالجميع.
وتشير الوكالة إلى أن اللواح كان معروفا جيدا في الوسط الطبي، ويقول صديقه الدكتور أسامة عرفة، إن اللواح كان يختبر المرضى في معمله مجانا إذا الم يستطيعوا الدفع، كما كان يتبر بالمال لرعاية الأطفال الأيتام ودعم الأسر الفقيرة، وتقول أسرته إنه بنى مسجدين كعمل خيري.
بينما يقول صديقه عرفة "من النادر أن تجد شخصا مثله جميلا ولطيفا"ـ ويضيف "لقد كان محبوبًا جدًا في بورسعيد".
وتشير أسوشيتد برس إلى آخر ما كتبه اللواح على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، حيث ناشد المواطنين بالبقاء في منازلهم للحد من انتشار فيروس كورونا.
لكن سرعان ما تمكن الوباء من الطبيب، ونقله أصدقائه إلى وحدة عناية مركزة بإحدى المستشفيات، ونظرا لعدم وجود سيارة إسعاف مزودة بوسائل حماية من الفيروس، كان عليهم اصطحابه في سيارة خاصة، حيث تم وضعه على جهاز تهنفس ثم نقله إلى مستشفى الحجر الصحي بمدينة الإسماعيلية.
وعن مشهد الجنازة، وصلت سيارة الإسعاف التي تقل اللواح إلى المقابر، ثم أغلقت الأبواب لمنع الدخول، ثم قامت الفرق الطبية التي ترتدي بدلات واقية بالتعامل مع الأمر، بينما كانت زوجته وأبنائه في سيارة قريبة من المشهد يلقيان النظرة الأخيرة على الطبيب.
وتقول الوكالة عن نشرها قصة "اللواح" إن هذا جزء من سلسلة ستنشرها حول عديد من القصص الإنسانية لتذكر الأشخاص الذين لقوا حتفهم بسبب فيروس كورونا في جميع أنحاء العالم.
المصدر : صدي البلد