قال الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء، إن البشرية على مر عصورها عانت تصرفا سلبيا وهو [ذبح العلماء]؛ فلم تختص أمة بذلك بل كانت ثمة جعلت الناس ينشئون الأمثال السارية كنوع من أنواع التعبير عن الحكمة التي تتصل بالحياة.
وأضاف "جمعة" عبر منشور له على صفحته الرسمية بموقع " فيسبوك" أنهم قبل ذلك قتلوا النبيين، والمرسلين، ولكن الله سبحانه وتعالى نصرهم، وأيد هؤلاء العلماء، ونفع بهم البشرية عبر العصور.
اقرأ أيضاً // ماذا تفعل عند نزول البلاء.. على جمعة يوصي بهذا الأمر
واستشهد عضو هيئة كبار العلماء بقوله – تعالى-: ﴿أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ﴾ [سورة البقرة : الآية 87].
واستدل أيضًا أنه روى عن ابن عباس – رضي الله عنه- أنه قال : «ذكر خالد بن سنان للنبي ﷺ فقال: ذاك نبي ضيعه قومه» [رواه الطبراني في الكبير].
اقرأ أيضاً // هل الصلاة على النبي مقبولة مطلقا من جميع المسلمين؟.. المفتي السابق يجيب
وتابع : نتذكر جميعا ما حدث لجالليو؛ حيث أثبت ثبات الشمس، ودوران الأرض، فاعترض عليه، ولم يحسن حينئذ بيان برهانه التام، حتى إنه وافق على حرق كتبه، ولدينا في التاريخ الإسلامي نماذج كثيرة في هذا المعنى، فقد ورد أن الإمام البخاري صاحب الصحيح الذي وصف بأنه أصح كتاب بعد كتاب الله من حيث الضبط والنقل والتوثيق، قد دعا على نفسه قبل أن يموت بأيام، وضاقت عليه الأرض بما رحبت، في نزاع بينه وبين محمد بن يحيى الذهلي ؛ حيث كانت قد اشتدت الخصومة بينهما، مما سبب له ترك المدينة.
ونبه أن البخاري – رحمه الله تعالى- لم يكن معتادا على ذلك، فلم يتحمل لشفافيته ورقة قلبه هذا النوع من الصدام، وانسحب تاركا وراءه جهده الرصين الجبار الذي استمر هذه السنين الطوال مرجعا للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، ومثالا لتطبيق المنهج العلمي، وللنية الخالصة، وللهمة العالية، وأثر ذلك في بقاء الأعمال، ونفعها لأفراد الناس وجماعاتهم، ومجتمعاتهم.
اقرأ أيضاً // لماذا نهى الرسول عن النفخ في الطعام والشراب؟.. دار الإفتاء تجيب
وأشار أنه في القرن السادس الهجري كان الشيخ عبد القادر الجيلاني تنسب إليه بعض القصص الجديرة بالاعتبار –وإن كنا لم نحقق توثيقها له في ذاتها- منها أنه كان يحضر له نحو أربعين ألفا لسماع موعظته الحسنة التي خالطت القلوب، ورفع بعض الواشين أمره إلى الحاكم بأن عبد القادر أصبح خطرا على الناس، فإنه يأتمر بأمره أربعون ألفا، ولما استدعاه الخليفة في بغداد، وكلمه في ذلك ضحك الشيخ، وقال : أن أظن أن معي واحدا ونصفا، ولنختبر ذلك مولاي فارسل غدا الشرطة أثناء الدرس بعد العصر تطلبني أمام الناس.
وواصل: فأرسل الخليفة رجال شرطته، وطلبوا الشيخ بطريقة عنيفة، فر معها أكثر الحاضرين، وأصر اثنان على أن يصحبا الشيخ، حتى إذا ما جاءوا إلى قصر الخليفة تخلف أحدهم ينتظر الشيخ عند الباب، ودخل آخر، فقال له الخليفة : ماذا حدث ؟ قال : لم يبق معي إلا كما قلت لك واحد ونصف، هذا واحد معي، والآخر خاف من الدخول فانتظر عند الباب.
وأردف: ذهب الواشون وذهب عصرهم لا نعرف أسماءهم وبقي الشيخ عبد القادر عبر القرون قد أذن الله أن يجعل كلماته نبراسا يستضاء به، وهداية في الطريق إلى الله؛ بقي عبد القادر وفنى خصومه.
المصدر : صدي البلد