مرضى كورونا في مأزق.. أجهزة التنفس ما بين إنعاش القلب وإيقافه

مخاوف وتحذيرات عدة، أطلقتها العديد من المنابر الإعلامية العالمية خلال الساعات القليلة، حيال أجهزة التنفس الصناعي وتأثيرها السلبي على مصابي فيروس كورونا المستجد، وأن ضررها أكثر من نفعها بسبب ارتفاع حالات الوفاة بين صفوف المرضى بعد وضعهم على أجهزة التنفس لإنعاش رئتهم.
إيمان مرزوق أستاذ علم الفيروسات بجامعة برلين الحرة، قالت إن نحو 80 في المائة من المصابين بفيروس الكورونا المستجد قد تظهر عليهم بعض الأعراض الخفيفة أو لا تظهر مطلقا، ولكن هناك نحو 20% من المصابين قد يصابون بأعراض شديدة وقاتلة. وأضافت إيمان مرزوق، في تصريحات لصدى البلد، إن المجموعة التي تعاني من غزو شديد من الفيروس للرئتين يصابون بالتهاب شديد في الحويصلات الهوائية وضيق في التنفس واضطراب في ضربات القلب ونقص شديد في الأكسجين الذي يغذي جميع خلايا الجسم مما يجعلهم في احتياج شديد للوضع تحت أجهزة التنفس الصناعي.
وتابعت: "لوحظ ارتباط عدوى الكورونا المستجد كوفيد 19 بوجود متلازمة الضائقة التنفسية الحادة ARDS التي تؤدي إلى تلف شديد في الحويصلات الهوائية والشعيرات الدموية".
وأشارت إلى أن هنا يظهر الدور المهم لأجهزة التنفس الميكانيكية كأمل أخير لإنقاذ حياة هذه الحالات الحرجة على المدى القصير وليس لمدة طويلة.
لكن مع الأسف يظهر لها الكثير من المضاعفات التي تصيب القصبة والشعب الهوائية وأحيانا تزيد الوضع سوءا وتكن سببا في عدوى بكتيرية ثانوية تؤدي إلى الالتهاب الرئوي المصاحب لأجهزة التنفس Ventilator-associated Pneumonia، وبينما يحتاج مرضى فيروس كورونا المستجد إلى مستويات عالية من الضغط والأكسجين نتيجة الالتهاب الرئوي الشديد فإن هناك عاملا آخر شديد الخطورة هو الأنبوب الذي يحمل الهواء والأكسجين الإضافي إلى الرئتين، حيث يكون عرضة لنمو العديد من البكتيريا الضارة المقاومة للمضادات الحيوية.
لذا يكن الالتهاب الرئوي المرتبط بأجهزة التنفس الميكانيكية (VAP) من أكثر أنواع العدوى التي يمكن أن تكون بمثابة مسار للبكتيريا ودخولها الجهاز التنفسي، مما يمهد الطريق إلى الوفاة ومن المهم ذكره هو أن الالتهاب الرئوي لا يعتبر فقط من المضاعفات الشديدة الوحيدة المحتملة لـ COVID-19 لكن أيضا يؤدي إلى تلف الأعضاء المختلفة بالجسم وفشل أدائها الوظيفي.. حفظ الله الجميع.
وقالت إن معظم الحالات الحرجة المصابة تعاني من أمراض مزمنة من أهمها ارتفاع ضغط الدم وأمراض السكر والقلب والرئة وبعض الأمراض السرطانية وبالتالي يكون احتمالية الشفاء وتخطي الأزمة ضعيفة.
وأضاف الدكتور محمد نصر، أستاذ جراحة القلب بمعهد القلب القومى ونقيب أطباء الجيزة السابق، أن فيروس كورونا له محوران فى عمله، حيث إنه يهاجم الهيموجلوبين بالدم وهو الذى يساعد على حمل الأكسجين ونقله لجميع أنسجة الجسم، والهيموجلوبين مكون من هيم وجلوبين، والهيم مكون من جزيئات اسمها بورفيرين ووسطها حديد، فالفيروس يسحب الحديد من وسط البورفيرين وبالتالى يصبح الهيموجلوبين غير قادر على نقل الأكسجين فيختنق المريض.
والمحور الثانى هو أنه عندما يغزو الفيروس الجسم تتكون أجسام مضادة، من خلال إحساس الخلايا الليمفاوية بالدم به، الغريب أنها على عكس ما يحدث لها من زيادة فى المهاجمات الفيروسية فإنها تقل فى حالة الكورونا مما يسبب ضعف المناعة، ولذلك يفرز الجسم مواد تسمى السيتوكين ويطلق عليها مسببة الالتهاب الذى يحمى الجسم تماما، مثلما يحدث خراج يكون صديدا وتورما وهذا شيء عادى، فى حدود ٢% من الحالات تحدث عاصفة من هذه الالتهابات وتملأ الحويصلات الهوائية بالرئة بسوائل وتنكمش الرئة ولا تسمح بتبادل الغازات فيختنق المريض".
وأوضح أستاذ جراحة القلب بمعهد القلب القومى، أن 96% ممن يصابون بفيروس كورونا المستجد، يشفون وحدهم ويمر وكأنه دور برد وحرارة مع كحة جافة وصداع وتكسير عظام، ولكن إذا ما ترك الفيروس الحلق والممرات الهوائية العليا ودخل للرئة يحدث ضيقا فى التنفس، 4% يحتاجون إلى دخول المستشفى و2% فقط يحتاجون إلى عناية مركزة، و1% يحتاجون إلى جهاز تنفس صناعي.
وأشار إلى أن العلاج يتكون من محورين: الكلوروكين أو الهيدروكسي كلوروكين الذى يمنع خروج الحديد من البورفيرين ويحافظ على تركيب هيموجلوبين الدم، ولكن خطورته فى أنه فى وجود بعض الأدوية الأخرى يسبب اضطرابا فى ضربات القلب وتوقفه، ولذلك لا يوصف إلا بواسطة طبيب متدرب له خبرة فى استعماله والأبحاث ما زالت قائمة للوصول إلى درجة أولى برهان من براهين الطب.
وأشار إلى أن المحور الثانى هو أن هناك مواد تقلل عاصفة السيتوكين وتسمى الإنترلوكين، والجسم يفرزها وبعضها يصنع ويمكن حقنه للتقليل من عاصفة الالتهاب المسبب بالسيتوكين، وهنا يوضع المريض على جهاز التنفس الخاص بالرعاية وليس العمليات، حيث يحتاج جهاز تنفس العمليات إلى أدوية تشل عضلات المريض ويتم تخدير المريض كليا، وقد أثبتت تلك الطريقة خطورتها فى حالات كورونا، أما أجهزة تنفس الرعاية فيمكن إيقاظ المريض وهو عليها وندفعه كى يأخذ نفسه بنفسه لإمكانية فصله تدريجيا عن جهاز التنفس الصناعي.
وأضاف: "فى البداية نجعل الجهاز يزيد من ضغط النفس فى نهاية الزفير ليساعد على شفط السوائل المتجمعة بالحويصلات الهوائية وتمنع تبادل الغازات، كما يتم زيادة ضغط وتدفق الأكسجين بالجهاز التنفسى، كما يساعد المريض عن طريق إعطائه دم به نسبة هيموجلوبين عالية لتعويض أثر الفيروس".
وأوضح أن مصر يوجد بها حوالي من 5 إلى 6 آلاف جهاز تنفس صناعي بالمنشآت الصحية الحكومة والخاصة، مضيفا أنه لا يوجد نقص بأجهزة التنفس الصناعي، حتى الآن لقلة أعداد المصابين.
وفقا لتقرير عرضته "ديلى ميل"، في الصين وإيطاليا والولايات المتحدة أن أقل من نصف المرضى الذين يتم إنقاذهم على الأجهزة يتعافون، ولكن الخبراء غير متأكدين من سبب ارتفاع معدلات الوفيات، في مدينة نيويورك، توفي ما لا يقل عن 80% من مرضى الفيروس التاجي الذين تم وضعهم على جهاز التنفس الصناعي، ففي الوقت الذي يضغط فيه المسئولون الصحيون حول العالم للحصول على المزيد من أجهزة التنفس الصناعي لعلاج المرضى، فإن بعض الأطباء يبتعدون عن استخدام أجهزة التنفس عندما يستطيعون. حيث أبلغت بعض المستشفيات عن معدلات وفاة عالية بشكل غير معتاد لمرضى الفيروسات التاجية على أجهزة التنفس الصناعي، ويخشى بعض الأطباء من أن الآلات قد تضر بعض المرضى. تقوم أجهزة التهوية الميكانيكية بدفع الأكسجين إلى المرضى الذين يعانون من فشل فى الرئة، وينطوي استخدام الآلات على تخدير المريض وإدخال أنبوب في الحلق، وكشفت التقارير أن معدل الوفيات في مثل هؤلاء المرضى شائعة، بغض النظر عن سبب حاجتهم للمساعدة في التنفس.
وبشكل عام، يقول الخبراء إن 40 إلى 50 % من المرضى الذين يعانون من ضيق شديد في الجهاز التنفسي يموتون أثناء التنفس، وظهرت تقارير مماثلة من الصين والمملكة المتحدة، وفى تقرير بريطاني الرقم بنسبة 66٪.
وقالت دراسة صغيرة للغاية في ووهان، المدينة الصينية التي ظهر فيها المرض لأول مرة، إن 86٪ ماتوا.
وعلى الرغم من أن السبب غير واضح إلا أن بعض الخبراء يقولون إن ذلك قد يكون مرتبطًا بمدى شدة المرض عند وضعهم على آلالات التنفس الصناعى. لكن بعض المهنيين الصحيين تساءلوا عما إذا كانت أجهزة التنفس الصناعي قد تزيد الأمور سوءًا بالفعل لدى بعض المرضى، ربما عن طريق تفاقم رد فعل الجهاز المناعي الضار.
في معظم الحالات التي تهدد الحياة، يمكن أن يتخلل COVID-19 عمق الرئتين ويسبب التهابًا حادًا، مما يجعل من الصعب التنفس، حيث يمكن أن يؤدي ضخ الأكسجين المضغوط في الرئتين إلى تهيج الأعضاء وتلفها بشكل أكبر.

المصدر : صدي البلد