في تقرير عن الإسلاموفوبيا .. المؤشر العالمي للفتوى الإلكترونية: التزييف والكذب أساليب اليمين المتطرف لنشر الكراهية.. الغرب يروج أن المسلمين سبب الوباء .. الإسلام يتصدر مشهد قوافل الخير

المؤشر العالمي للفتوى الإلكترونيةالتزييف والكذب أساليب اليمين المتطرف لنشر الكراهيةنشر الفيروس .. أداة اليمين المتطرف الجديدة للتخلص من المسلمين"مواقع التواصل الاجتماعي".. أرضية للتطرف ونشر الكراهية"المسلمون سبب الوباء" أبرز مزاعم الإعلام الغربي لتعزيز ظاهرة الإسلاموفوبيا"الفتاوى المتشددة" أحد مبررات الإرهابيين لتنفيذ الهجمات ضد المسلمينالإسلام يتصدر مشهد قوافل الخير بالغربتوصيات "المؤشر" للحد من ظاهرة الإسلاموفوبيا
كشف المؤشر العالمي للفتوى (GFI) التابع لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم عن ارتفاع معدلات ظاهرة الإسلاموفوبيا وكراهية المسلمين في الغرب بنسبة (10%) منذ انتشار الوباء بالعالم، حيث تتسارع التنظيمات الإرهابية والجماعات اليمينية المتطرفة لاستغلال انتشار الفيروس واتخاذه سلاحًا جديدًا لتهديد الحياة اليومية للمسلمين.
ومن خلال رصده وتحليله عزا مؤشر الإفتاء ارتفاع معدلات الإسلاموفوبيا خلال الشهور الماضية إلى 3 أسباب رئيسية، أولها: خطابات اليمين المتطرف التي تربط بين سلوكيات المسلمين وانتشار الوباء وجاء ذلك بنسبة (42%)، وثانيها: نشر المعلومات الكاذبة عبر وسائل الإعلام الغربي والصور المزيفة التي تشير إلى أن المسلمين هم السبب الحقيقي في وجود الفيروس وجاء ذلك بنسبة (34%)، والسبب الثالث في تفشي الظاهرة تمثل في الفتاوى المتطرفة والمتشددة المتداولة في التعامل مع غير المسلمين والذي جاء بنسبة (24%).
وأوضح المؤشر أن خطاب اليمين المتطرف والمعلومات الكاذبة عن المسلمين كان لهما الأثر الأكبر في زيادة نسبة الكراهية ضد المسلمين في الغرب، وليس الخطاب الإفتائي الذي جاء في المرتبة الثالثة، مما يؤكد أن هذه الكراهية ليس سببها الأوحد الخطاب الديني المتشدد، وأن هناك أسبابًا أخرى أقوى منه تمثلت في كراهية الآخر لقبول المسلمين على الإطلاق.
وفي إطار تحليله لخطاب اليمين المتطرف بالغرب والخطاب الإفتائي للتنظيمات والجماعات المتطرفة، أكد المؤشر أن خطر التنظيمات الإرهابية والمتطرفة لم يتراجع حتى في الوقت الذي ينتشر فيه وباء يواجه البشرية جميعًا، وأن (40%) من خطابات اليمين المتطرف حول فيروس كورونا تتبنى نزعة متطرفة معادية للمسلمين بشكل عام واللاجئين والمهاجرين بشكل خاص.
ومن أبرز النماذج على ذلك ربط السياسي الإيطالي القومي المتشدد ماتيو سالفيني بين تفشي فيروس كورونا المستجد في بلاده وعبور المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين البحر المتوسط وصولًا إلى أوروبا، بالرغم من عدم وجود أدلة كافية على ذلك.
كما نشرت أوراق في الشارع من قبل يمينيين متطرفين في مدينة بيليفلد بألمانيا، التي يعيش في أحد شوارعها مسلمون، كتب فيها "اللاجئون والمهاجرون والمسلمون والسود مكانهم الفرن"، كما اتجه العديد من اليمينيين المتطرفين إلى تداول مقاطع فيديو قديمة عبر موقع تويتر لمسلمين يصلُّون في الشوارع مشيرين إلى تجاهل المسلمين للقرارات الحكومية، والاحتشاد خارج المساجد في مدينة «ويمبلي» الإنجليزية، والقصد من هذا هو التضليل والتلميح بأن المسلمين ينتهكون الحظر ويؤدون عبادتهم في الشوارع وينشرون فيروس كورونا القاتل بين الأجانب.
وعانت أيضًا الفتيات المسلمات الآسيويات في ألمانيا من خطابات الكراهية حيث تمت الدعوة إلى رش المحجبات منهن بالمطهرات باعتبارهن السبب الحقيقي للفيروس.
ودلل المؤشر على ذلك بما جاء في تقرير منظمة «تل ماما» الحقوقية والمعنيَّة بتسجيل الحوادث المعادية للمسلمين في المملكة المتحدة، وأنها قد رصدت خلال شهر مارس 2020 عشرات الحوادث التي افتعلتها جماعات يمينية متطرفة؛ بهدف إلقاء اللوم على المسلمين البريطانيين في نشر فيروس "كورونا".
ويؤكد ذلك تقرير نشره التليفزيون الألماني حذر فيه "توماس هالدنفانج"، مدير الاستخبارات الداخلية الألمانية، من تزايد نشاط الجماعات اليمينية المتطرفة واستغلالها لأزمة كورونا، حيث تخطّط للاعتداء على اللاجئين والأجانب باعتبارهم سبب انتقال الفيروس ومصدر الوباء، وأن الفرصة باتت سانحة للتخلص منهم، ويبدو أن الأمر ليس مقتصرًا فقط على ألمانيا؛ بل إن أغلب الدول الأوروبية تعاني من النشاط المتزايد لهذه الجماعات في الآونة الأخيرة، حيث سجلت السلطات الألمانية (2558) هجومًا واعتداءً يمينيًّا متطرفًا على مساكن إيواء طالبي اللجوء، تنوعت هذه الهجمات والاعتداءات ما بين رسم الصليب المعقوف (رمز النازية) والتفجير والحرق العمد. وتوصل مؤشر الفتوى إلى أن خطاب الكراهية للمتطرفين والإرهابيين هو أشد فتكًا من فيروس كورونا، وأنه لا فرق بين اليمين المتطرف والتنظيمات الإرهابية الأخرى، ففي الوقت الذي استغل فيه تنظيم داعش الإرهابي هذا الوباء في بث رسائل لعناصره ومؤيديه بأن السبيل الوحيد للخلاص من هذا الفيروس القاتل الذي حصد أرواح الكثيرين هو الجهاد وتنفيذ العمليات الإرهابية ولو بأبسط الوسائل المتاحة كنشر المصابين بالفيروس بين الآخرين لنشر المرض والوباء، تبادل عدد من أنصار جماعات اليمين المتطرف في الولايات المتحدة الأمريكية الدعوات إلى نشر فيروس كورونا في الأحياء التي يسكنها غير البيض، فقد استخدمت هذه الجماعات تطبيق تليجرام لمناقشة قضاء أكبر وقت ممكن بالأماكن العامة، ووضع اللعاب على أزرار المصاعد ومقابض الأبواب؛ لنشر كورونا بين من أسموهم بالأعداء.
ولفت المؤشر إلى أنه على الرغم من تصاعد خطر اليمين المتطرف فإنه لم يتم التعامل بطريقة جدية مع خطاباتهم من قبل المسئولين سواء بحذف صفحاتهم أو تحجيم أنشطتهم حيث تعمل هذه الجماعات بحسب التقارير الاستخباراتية على نشر فكر الإرهاب البيولوجي، وترى أن نقل فيروس كورونا للمسلمين واجب عليها. وأوضح مؤشر الفتوى أن اليمين المتطرف اعتمد على مواقع التواصل الاجتماعي بنسبة (85%) في نشر خطاباته المعادية للمسلمين، والتي تربط بينهم وبين انتشار الفيروس حيث يتخذ منها سبيلًا لنشر دعواته وأفكاره التحريضية ضد المسلمين، وهي خطابات لا تختلف في مضمونها عن تلك التي يصدرها تنظيم داعش الإرهابي، وتباينت منشوراته بين فيديوهات مزيفة لتوضيح أن المسلمين سبب انتشار الفيروس بنسبة (50%)، أو إرفاق صور لمسلمات محجبات ومساجد ممتلئة بالمصلين بنسبة (30%)، أو اعتداءات لفظية وجسدية على المسلمين بنسبة (20%).
وتحليلًا لما سبق، فقد فسَّر مؤشر الإفتاء أن تركيز اليمين المتطرف على مواقع التواصل الاجتماعي يرجع إلى قناعتهم بأن العمل الإرهابي لم يتوقف فقط على عدد العمليات الإرهابية، بل يكون من خلال نشر دعوات وأفكار تحريضية ضد المسلمين لا سيما بعد تزايد معدلات استخدام الإنترنت والسوشيال ميديا خلال الفترة السابقة، حيث أكدت الدراسات الحديثة أن شبكة الإنترنت زاد استخدمها بنسبة تتراوح بين (12%) و(15%) بعد أزمة كورونا حيث يقضي نحو 3 مليارات شخص حول العالم في الحجر المنزلي الاحترازي جراء تفشي الفيروس.
ولفت المؤشر النظر إلى دراسة لجامعة كارديف البريطانية حول العلاقة بين رسائل الكراهية ضد المسلمين على منصة تويتر وتأثيرها في سلوك أنصار اليمين المتطرف، حيث وجدت علاقة تفاعل بين ارتفاع المضمون العنصري ضد المسلمين في منصات التواصل الاجتماعي وبين تزايد حالات الاعتداءات الفعلية عليهم في العاصمة البريطانية لندن، وبذلك "يتحول نشر الكراهية عبر الإنترنت إلى مسار ينتقل من العالم الافتراضي إلى الاعتداء الجسدي الحقيقي" على أرض الواقع. وفي سياق متصل، أوضح المؤشر أن معظم وسائل الإعلام الغربية دأبت على تقديم صورة سلبية عن المسلمين وتضخيم بعض الأحداث والتركيز على حالات اعتداءات أو جرائم ارتكبها مهاجرون أو لاجئون غالبيتهم مسلمون، ولكن خلال هذه الفترة اتجهت هذه القنوات إلى استغلال فيروس كورونا في نشر معلومات كاذبة أو خلق صورة ذهنية لدى المشاهد الأجنبي بأن المسلمين هم السبب الحقيقي لانتشار الفيروس، فقد أعلنت وسائل الإعلام النمساوية عن حالة مشتبه بها بفيروس كورونا مستخدمة صورة مزيفة لامرأة صينية ترتدي الحجاب، كما استخدمت العديد من القنوات الإعلامية في أوروبا صور المساجد والمسلمين على أخبار انتشار فيروس كورونا بهدف خلق صورة ذهنية خاطئة بأن الفيروس مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالمسلمين في البلاد، في حين اتجهت صحيفة كاثيميريني اليومية اليونانية إلى ربط الفيروس التاجي بالنساء المسلمات فقط اللاتي يرتدين البرقع. كما أشار المؤشر العالمي للفتوى إلى أن انتشار عدد من الفتاوى المتطرفة للمتشددين في الغرب من الوسائل التي زادت من الكراهية ضد المسلمين والتي استغلها المتطرفون خلال تلك الفترة لتبرير تنفيذ الهجمات ضد غير المسلمين واعتبار ذلك واجبًا وطنيًّا، حيث طوع البعض الفتاوى المتطرفة للمتشددين لإثارة مخاوف الأوروبيين من أحكام الشريعة الإسلامية التي زعموا أنها تتعارض مع القوانين الأوروبية.
ومن أبرز النماذج على الفتاوى المتشددة التي أعيد تداولها على نطاق واسع خلال الفترة الماضية، فتوى الداعية الكندي المتشدد "يونس كاثراد" حول التعامل مع غير المسلمين زاعمًا أنهم أخطر من فيروس كورونا ودعوته إلى الانعزال عن الأماكن المختلطة ودعوة السيدات لارتداء الحجاب. وفي المقابل، أشار المؤشر إلى أنه رغم تلك الخطابات المعادية للمسلمين إلا أن أزمة كورونا عكست الصورة الصحيحة للإسلام في الغرب من خلال تكاتف المسلمين مع غيرهم سواء في تقديم المساعدات الطبية أو من خلال المشاركة في المبادرات الخيرية.
وقد أورد المؤشر عدة نماذج تؤكد على أن الجائحة التي أصابت العالم انعكست إيجابيًّا على تصدر الإسلام مشهد الخير أمام العالم، فوفقًا لإحصاء الجمعية الإسلامية الصينية، بلغ حجم تبرعات الأوساط الإسلامية وأبناء القوميات المسلمة في أنحاء الصين 66,73 مليون يوان ومستلزمات قيمتها 73,12 مليون يوان وذلك حتى الرابع عشر من فبراير 2020.
ومن أبرز النماذج على ذلك، قيام عدد من المسلمين في الصين بمبادرات تطوعية لتوزيع الكمامات على الناس في عدد من المقاطعات، كما تبرعت المطاعم الإسلامية في مدينة ووهان بتوزيع وجبات حلال على الأطباء والممرضين الذين يعالجون المرضى، وليس لديهم الوقت لإعداد الطعام.كما أطلق عدد من المساجد مبادرات مختلفة لتوزيع الكمامات والمطهرات والمستلزمات الطبية على عامة الشعب ومنها مسجد شيويتشنغ بمدينة تساوتشوانغ في مقاطعة شانادونغ ومسجد نانتشونغ بمقاطعة سيتشوان ومسجد دونغقوان بمدينة شينينغ في مقاطعة تشينغهاي.
ومن ناحية أخرى، أشار المؤشر إلى أن بعض الدول الأوروبية (ألمانيا وفرنسا وإيطاليا ..) اتجهت إلى خطوة إيجابية للحد من تملك فوبيا فيروس كورونا على قلوب المسلمين وذلك عبر رفع الأذان عبر مكبرات الصوت لطمأنة المسلمين داخل الحجر الصحي وذلك ضمن مبادرات محلية فرضها فيروس كورونا بخلق حالة من التقارب والاطمئنان بين المسلمين وغيرهم. وفي نهاية تقريره، أوصى المؤشر العالمي للفتوى بضرورة مكافحة خطابات الكراهية والتشدد والتي اعتبرها أشد خطرًا على البشرية من فيروس كورونا الذي حتمًا سنجد له علاجًا يومًا ما، مشيرًا إلى ضرورة تقنين مراقبة خطابات اليمين المتطرف ومنح المزيد من الصلاحيات للسلطات لمراقبتهم عبر الإنترنت وضرورة تفعيل القانون ضد من ينشر الكراهية والتمييز في المجتمعات.
كما شدد المؤشر على ضرورة التنسيق بين المراكز الإسلامية وشركائها في الداخل والخارج؛ لإيجاد آلية عمل لاستصدار قوانين دولية ومحلية تجرم كافة أشكال التمييز والانتهاكات ضد المسلمين، ونبذ ممارسات الإقصاء والتهميش ضد أي مجموعة عرقية أو دينية، والعمل على توظيف وسائل التواصل الاجتماعي والأدوات التكنولوجية المعاصرة في رصد ومكافحة ظاهرة الإسلاموفوبيا، والعمل على الدفع بحجب المواقع التي تحرض على المسلمين.

المصدر : صدي البلد