ياسر عبيدو يكتب: يوم أكل الناس لحوم البشر

الجوائح يبتلى بها العالم كل حين فليست الكوارث جديدة على بلادنا او العالم.
ويذكر التاريخ أن مصر عانت من ظاهرة «آكلي لحوم البشر» في العصر الفاطمي بسبب مجاعة تعرضت لها البلاد في عهد المستنصر، وسميت المجاعة وقتها بـ«الشدة المستنصرية» وهي مصطلح يطلق على مجاعة حدثت بمصر نتيجة غياب مياه النيل بمصر لسبع سنين عجاف متواصلة نهاية عصر الخليفة الفاطمي المستنصر بالله في مستهل النصف الثاني من القرن الخامس الهجري من تاريخ الدولة الفاطمية في مصر457 – 515 هجريا ، 1036-1094م .
روى المؤرخون حوادث قاسية، فلقد تصحرت الأرض وهلك الحرث والنسل وخطف الخبز من على رؤس الخبازين وأكل الناس القطط والكلاب " فبيع الكلب ليؤكل بخمسة دنانير " ، حتى أن بغلة وزير الخليفة الذي ذهب للتحقيق في حادثة أكلوها وجاع الخليفة نفسه حتى أنه باع ما على مقابر أبائه من رخام وتصدقت عليه ابنة أحد علماء زمانه وخرجت النساء جياع صوب بغداد .
وذكر ابن إياس أن الناس أكلت الميتة وأخذوا في أكل الأحياء وصنعت الخطاطيف والكلاليب؛ لاصطياد المارة بالشوارع من فوق الأسطح وتراجع سكان مصر لأقل معدل في تاريخها .
وما جاء بكتاب اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء تأييدا لما سبق نسوق ظهر الغلاء بمصر واشتد جوع الناس لقلة الأقوات في الأعمال وكثرة الفسادوأكل الناس الجيفة والميتات ووقفوا في الطرقات فقتلوا من ظفروا به .
ولفت «المقريزي»، في كتابه «إغاثة الأمة»، إلى حدوث مجاعة مشابهة للسابقة في العصر الأيوبي 595 هجريا ، 1174 ميلاديا ، بسبب توقف النيل عن الزيادة، فأكل الناس صغار بني آدم من الجوع فكان الأب يأكل ابنه مشويا ومطبوخا والمرأة تأكل ولدها، وكان يدخل الرجل دار جاره فيجد القدر على النار فينتظرها حتى تتهيأ فإذا هي لحم طفل».
وذكر أنه «لما أغاث الله الخلق بالنيل لم يجد أحد يحرث أو يزرع».لكثرة الهلكى من الزراع والقادرين عليها.!وهذا يحدذ لحكمة الهية طوال التاريخ القديم من كوارث طبيعية ومجاعات طاحنة.
بل لطالما هددت الكوارث الطبيعية والأوبئة تاريخ البشرية وأسهمت في تغيير جغرافيا وديموجرافيا البلدان التي حلت بها كما غيرت مجرى تاريخ العالم،وقد كان للمنطقة العربية أيضا نصيب من هذه الكوارث فإليكم أسوأ الكوارث التي تسببت بها الطبيعة والأوبئة ونعرضزلزال مصر وسوريا عام حيث 1201تعرضت منطقة بلاد الشام عام 1202 لكارثة ليس لها مثيل ، عندما ضرب زلزال مُدمر شرق المتوسط و قد شمل تأثير الزلزال كافة مناطق بلاد الشام و مصر ، ووصل الشعور به حتى ارمينيا و تركيا و جزيرة صقلية في البحر المتوسط.ودمر الزلزال مناطق كبيرة من البلدين وراح ضحيته أكثر من مليون و100 ألف شخص في مُختلف أنحاء بلاد الشام بحسب بعض الدراسات.
وما زال زلزال شانشي في الصين عام 1556هو الزلزال الأكبر من حيث عدد الضحايا والذي بلغ نحو 830 ألف ضحية حدث هذا الزلزال عام 1556م في مقاطعة شانشي الصينية وبلغ تأثيره إلى أكثر من سبعة وتسعين مقاطعة من مقاطعات شانشي حيث بلغت قوته ثماني درجات على مقياس ريختر وأدى إلى مقتل ستين بالمائة من سكان المقاطعة، حيث كان أغلب السكان في ذلك الوقت يسكنون في كهوف اصطناعية وفي شقوق الجبال التي انهارت عليهم نتيجة الكارثة.
ونذكر ايضا المجاعة الكبرى في الهند عام 1769-1773ففي عام 1769 تعرضت الهند لأسوأ مجاعة مسجلة في التاريخ وراح ضحيتها جراء ذلك حوالي 10 ملايين شخص وخلفت هذه المجاعة دمارا طال ثلث سكان البنغال ، بسبب الجفاف الحاد الذي أتلف المحاصيل الزراعية في 4 سنوات متتاليةوفي تفاصيلها، تجلت أولى مؤشرات هذه المجاعات في عام 1769، وكانت مجاعة وحشية، امتدت حتى عام 1773.ويبرز أيضا إعصار كورينجا في الهند عام 1839 حيث اجتاحت الهند حينئذ أمواج مصحوبة مما عرف حديثا بالتسونامى ارتفاعها 12مترًا، ضرب إعصار "كورينجا" الهند، في 5 نوفمير من عام 1839، وتسبب في مقتل 300 ألف شخص تقريبًا، وتدمير 20 ألف سفينة، وغرق 20 ألف شخص في مياه البحر، وقد ابتلعت الأرض معظم الضحايا جراء تحطم المنازل والأبنية.ومن المجاعات التى خلدها التاريخ بأوروبا مجاعة البطاطا في أيرلندا من1845 الى 1852.سميت أيضا بمجاعة ايرلندا الكبرى وتسببت بوفاةَ مليون إنسان وهجرة مليون آخر فانخفضت نسبة السكان بحوالي 20بالمئة عندما أتلفت آفة زراعية تُسمى باللفحة المتأخرةما ادى الى تعفن محاصيل البطاطس في أنحاء أوروبا ، لكن الضرر كان كبيرا على أيرلندا بشكل خاص إذ كان ثلث سكانها يعتمد على أكل البطاطس في التغذية بسبب الفقر، فتفاقمت فيها الخسائر البشرية بل وغيرت هذه المجاعة المشهد السكاني والسياسي والثقافي في أيرلندا إلى الأبد وأصبحت نقطة تاريخية فاصلة في تاريخه وبسببها حدث عداء بين ايرلندا وانجلترايظهر على المهاجرين الايرلنديين الى امريكا وابنائهم الى اليوم. أيضا يروى لنا التاريخ الجفاف الكبير في الصين 1876-1879حيث فقدت خلال 3 سنوات فقط الصين معظم ما لديها من محاصيل زراعية وأعداد مهولة من الماشية بسبب موجة من الجفاف ضربت الصين عام 1876 وراح ضحيتها ما يقرب من تسعة ملايين شخص.كما يعد إعصار بولا 1970من أعنف الأعاصير الاستوائية التي سجلها التاريخ على الإطلاق ،وهو أحد أكبر الكوارث الطبيعية المميتة في التاريخ الحديث ضرب شرق باكستان (بنجلادش اليوم) وبنغال الغربية الهندية في 12 نوفمبر 1970وأدى إلى غرق معظم الجزر المنخفضة، كما أباد القرى ودمر المحاصيل في جميع أنحاء المنطقة ،وقدر عدد الضحايا بـ500 ألف شخص ولقي أغلبهم مصرعهم بسبب الطوفانات التي تبعت الإعصار.وتعود الكوارث الطبيعية الى المنطقة بفيضان النهر الأصفر في الصين 1887حيث تسبب فيضان النهر الأصفر بمقتل حوالي 2.9 مليون نسمة اذ يعتمد المزارعون المقيمون بالقرب من هذا النهر على السدود لتنظيم تدفق المياه، ولكن في 28 سبتمبر تمكنت الأمطار الغزيرة من التغلب على تلك السدود، مما أدى إلى فيضانات واسعة النطاق. بعد تحطيم السدود، انتشرت المياه بسرعة كبيرة في السهول المنخفضة وغطت حوالي 130 ألف كيلومتر
ونأتى الى وباء الانفلونزا عام 1918-1919وهو فيروس قاتل وصف بأعظم هولوكوست طبي في التاريخ، حيث انه انتشر في أعقاب الحرب العالمية الأولى العالم عبر الطرق الملاحية والتجارية وامتد ليطال معظم دول العالم وأودى بحياة 100 مليون شخص، أي حوالي خمسة بالمائة من سكّان العالم، بالإضافة إلى إصابة نصف مليار شخص به.
ثم نعود الى فيضانات الصين عام 1931 حيث يُعد فيضان نهر يانجتسي بالصين عام 1931 أسوأ كارثة طبيعية في التاريخ، فقد خلَّفت وراءها 3.7 مليون شخصًا لقوا حتفهم نتيجة للغرق، والمرض، والجوع.

المصدر : صدي البلد