ماذا قال النبي عن عقوبة محتكري السلع والتجار رافعي الأسعار فى الأزمات

ورد سؤال إلى الدكتور مجدي عاشور مستشار مفتي الجمهورية عبر صفحته الرسمية عن : حكم استغلال بعض التجار وغيرهم الحالة الاستثنائية التي تعيشها البلاد بسبب التخوف من انتشار فيروس كورونا ، فيرفعون أسعار السلع والمستلزمات الطبية من تلقاء أنفسهم ؟
رد الدكتور مجدي عاشور أنه يجب الالتزام بالأسعار بالنسبة للسلع التي تم تسعيرها منذ قِبَلِ الجهات الرسمية المختصة ، وكذلك بالنسبة للسلع غير المُسَعَّرَة بحيث لا تزيد عما تعارف عليه الناس في سعرها ، خاصة إذا لم تكن هناك حاجة لرفع أسعار تلك السلع المعروف سعرها بين الناس .
وأوضح عاشور أن رفع الأسعار بغير حاجة أو خروجًا عما هو مقرَّرٌ رسميًّا حرام شرعًا ، خاصة أنه يكون مقترِنًا بالاحتكار وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " المُحتَكِرً خَاطِئٌ " أي : آثم ، وفي رواية : " المُحتَكِرُ مَلْعُون " أي : بعيد من رحمة الله .
واستطرد: يزداد إثم وجُرْمُ من يحتكر السلع الغذائية والمستلزمات الطبية وقت انتشار الجوائح والأمراض أو عند الخوف من انتشارها ؛ لأنَّهُ يضر عامة الناس ويؤويهم فيما هم في حاجة إليه ، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى يعاقب المحتكر الذي يرفع الأسعار مستغِلًّا حاجة الناس وشِدَّتهم ، يعاقبه في الدنيا والآخرة ، فقال صلى الله عليه وسلم : " مَنِ احْتَكَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ طَعَامَهُمْ، ضَرَبَهُ اللَّهُ بِالْجُذَامِ وَالإِفْلاسِ" .
وقال : " مَنْ دَخَلَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَسْعَارِ الْمُسْلِمِينَ لِيُغْلِيَهُ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ حَقًّا عَلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يُقْعِدَهُ بِعُظْمٍ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَة».
هل الخوف من الأمراض المعدية حرام
كما ورد سؤال الى الدكتور مجدي عاشور مستشار مفتي الجمهورية عبر صفحته الرسمية يقول فيه : " هل حرام أن يخاف الإنسان من الأمراض المعدية ؟
رد مستشار المفتي قائلا: الخوف الطبيعي شيء جِبِلِّيٌّ في الإنسان ؛ لارتباطه بالحواس والشُّعُور ، وهذا أمْرٌ غير مذموم ؛ لقوله تعالى آمِرًا سيدنا موسى عليه السلام أن يمسك العصى التي انقلبت إلى حية : (قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ ۖ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَىٰ) وكذلك في قوله عز وجل : (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) .
وأضاف عاشور خلال سلسلة فتاوى فقه النوازل التي يبثها يوميا عبر صفحته الرسمية: إذا تحَوَّل الخوف الطبيعي إلى حالة من الرعب والهلع بمعنى الخوف الزائد ، فإن ذلك يضر بالإنسان بل سيجعله ضعيفًا أمام ما يخاف منه ، ويصرفه ذلك عن التفكير الصحيح والتصرف السديد له ولمن حوله ، وعليه فلن يتمكن من اتخاذ التدابير والاحترازات التي تقيه بإذن الله من خطر أو شر ذلك الشيء المَخُوف منه ، وهذا ينافي درجات الإيمان العالية ، تلك التي تدعو إلى الأخذ بالأسباب مع التوكل التام على الله سبحانه ، وفي ذلك يقول تعالى : (إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا . إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا . وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا . إِلَّا الْمُصَلِّينَ . الَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ) ، والمعنى هنا أن المداومة على الصلاة في خشوع تزيد القلب طمأنينة واستقرارًا نفسيًّا .
والخُلاصة : أنه لا مانع من الشعور بالخوف الطبيعي ، ولكن بشرط أن لا يُخْرِجنا عن حالة الهلع والرعب ؛ وإلا كان الخوف ممنوعًا ومحظوًا ، لضرره على النفس وعلى الغَيْر ؛ ونحن مأمورون بأنْ نأخذ بأسباب الوقاية والعلاج ، ونَرُدَّ الأمرَ كُلَّه بعد ذلك لله سبحانه ؛ إذ : (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ) .

المصدر : صدي البلد