حكاية نجيب العازوري أوّل من نبَّه إلى الخطر الصهيونيّ ونادى بتحرير العرب من الأتراك

يعتبر نجيب عازوري واحدًا من رواد الفكر القومي العربي، وهو واحد من الذين أسهموا في صوغ جانب من المفاهيم القومية في كتابه الذي أصدره في سنة 1950 بعنوان "يقظة الأمة العربية" والذي يشير فيه إلى أن بدايات الوعي القومي العربي شرعت بالتبرعم التدريجي مع بطرس البستاني وناصيف اليازجي عندما أسسا معا جمعية الآداب والعلوم في بيروت سنة 1842 ثم تبلورت أكثر مع ظهور الجمعية العلمية السورية في سنة 1857 في بيروت بجهد لافت من سليم بن بطرس البستاني وإبراهيم بن نصيف اليازجي.

نجيب عازوري، هو المفكر الوحيد الذي دعا بصراحة إلى إقامة دولة عربية قومية يكون نظام الحكم فيها دستوريا يتساوى فيها الناس أمام القانون وقد أسس في باريس جامعة أو جمعية "الوطن العربي " ودعا إلى أمة عربية تضم المسلمين والمسيحيين وحارب الفكر الطائفي والعنصري، وهو أول من حذر في كتاباته من الخطر الاستيطاني الصهيوني في فلسطين، وقال إن مستقبل المنطقة يعتمد على نتائج الصراع العربي الصهيوني.

نجيب عازوري، كاتب، وسياسي، ومفكر قومي عربي ولد في قرية عازور في جنوب لبنان، والتحق بمدرسة الفرير في بيروت، وتابع دراسته في معهد الدراسات العليا في باريس، حاصلًا على اللقب الأول في العلوم السياسية، وأحدث كتابه اليتيم، ما يشبه الزلزال في ضمير الإنسان العربي.

حصل على الدبلوم في دراساته العليا في العلوم السياسية من باريس وهو لم تجاوز العشرين من عمره، وتأثر نجيب بهذه المرحلة من دراسته الجامعية وانعكست على حياته سلوكًا قوميًا مشبعًا بروح التحرر والعدالة والتشبث بالحرية، وخلفت لديه حالة من المعاناة، بعدما لمس بيده وعايش الاستبداد والقهر والظلم العثماني للعرب.

وعين فور تخرجه مساعدا لحاكم القدس كاظم بك مكافأة له علي انسحابه من جمعية تركيا الفتاة واعلان ولائه للسلطان العثماني بعدما كان انتمي إلي الماسونية التي ناهضت السلطنة العثمانية، وفي سنة 1904 اعتزل منصبه وغادر فلسطين الي فرنسا لخلافات مع كاظم بك.

وفي باريس أصدر في سنة 1905 كتابه المشهور جامعة الوطن العربي ردا علي دعاة الجامعة الإسلامية ثم اصدر في 1907/4/24 وبالفرنسية ايضا مجلة الاستقلال العربي الشهرية.

وقد توقفت هذه المجلة مع سقوط السلطان عبد الحميد الثاني واعلان الدستور العثماني في يوليو 1908، وفي فرنسا أسس مع يوجين ينغ حركة معادية لليهود دعيت عصبة العمل الفرنسي.

بعد سقوط السلطان عبد الحميد قرر نجيب عازوري العودة الي فلسطين وخوض الانتخابات النيابية، غير أن السلطة العثمانية كانت حكمت عليه بالإعدام بتهمة القيام بنشاط يمس أمن الدولة فهرب إلى القاهرة، وتولي تحرير جريدة مصر الناطقة باسم حزب مصر الفتاة وأسس محفلا ماسونيا علي غرار محافل الكاربوناري ذات الأهداف التحررية القومية وتوفي في سنة 1916 فدفن في القاهرة.

وتقول زاهية قدورة في تقديمها للطبعة العربية من كتاب يقظة الأمة العربية، إن عازوري اشترك في تنظيم مؤتمرات عربية منها المؤتمر العربي الأول في باريس سنة 1905 والمؤتمر العربي السوري سنة 1913، والحقيقة أن وثائق المؤتمر العربي السوري لا تذكر البتة اسم نجيب عازوري بين الذين حضروا هذا المؤتمر أو الذين تخلفوا عن الحضور لأسباب قاهرة، أو حتي ارسلوا برقيات تأييد إلي المؤتمر.

ويعتبر نجيب عازوري واحدا من الذين تحدثوا مبكرا عن خطر الصهيونية علي فلسطين والبلدان المحيطة بها، إلى جانب نجيب نصار ثم خليل السكاكيني واحمد سامح الخالدي وابراهيم متري الرحباني في ما بعد.

ويعد أحد أوائل الذين نبهوا، بقوة، الي المخاطر المتوقعة من صعود الحركة الصهيونية، وفي كتابه الخطر اليهودي العالمي، يقول نجيب عازوري: إن ظاهرتين هامتين متشابهتي الطبيعة، بيد أنهما متعارضتان، لم تجذبا انتباه أحد حتي الآن، تتضحان في هذه الآونة في تركيا الآسيوية اعني: يقظة الأمة العربية وجهد اليهود الخفي لإعادة تكوين مملكة اسرائيل القديمة، لافتا إلى أن مصير هاتين الحركتين هو أن تتصارعا باستمرار حتي تنتصر إحداهما علي الأخرى.

المصدر : صدي البلد