علاء ثابت يكتب.. بشائر النصر فى معركة كورونا

لمست العديد من المؤشرات المهمة على قدرة مصر على تحقيق النصر فى معركة خطيرة وفريدة من نوعها على فيروس "كورونا" الذى يجتاح العالم من شرقه إلى غربه ومن جنوبه إلى شماله، وتسبب فى إصابة نحو مليون ونصف المليون وزلزل معظم الدول العظمي.

أول عوامل النصر التى أثق فيها أن لدينا قيادة واعية تتمثل فى الرئيس عبد الفتاح السيسى والحكومة والقوات المسلحة، وتظهر مهارة القيادة فى مثل هذه الظروف, فهى تتحلى بالهدوء والقدرة على اتخاذ القرار المناسب فى التوقيت المناسب دون فزع أو هلع أو اطمئنان زائد.

وتابعت الخطوات التى اتخذها الرئيس والحكومة ولجنة إدارة الأزمات، ووجدت مدى التكامل والتجانس بين قراراتها فليس هناك قرار وعكسه أو إغفال لمشكلة أو جانب مهم, بل رؤية دقيقة وشاملة وضعت فى اعتبارها الإمكانات والقدرات المتاحة السبل الكفيلة باستغلال عناصر القوة وسد الثغرات أمام عناصر الضعف. وقد أوجز الرئيس السيسى أهم ملامح إدارة الأزمة والقرارات المتكاملة، لكن هناك عدة نقاط أشار إليها الرئيس بسرعة، ورسائل إلى عدة جهات، لكنه أراد أن تكون إشارته لوما خفيفا وليس انتقادا حادا, فالرئيس أثنى على رجال الأعمال وشركات القطاع الخاص, لكنه عاتب ضمنا من لا يريدون صرف أجور العمال كاملة وشدد على أهمية البعد الاجتماعى والإنسانى، وهو ما يجب أن ينتبه إليه رجال الأعمال فى مصر، خصوصا فى تلك المحنة، فالمعركة التى نخوضها ليست مثل أى معركة، وهى غير قابلة لأن نخسرها، لأن الخسارة لها نتائج خطيرة ومدمرة, فالعدو خطير وقادر على قتل عشرات الآلاف يوميا، وإذا تمكن منا فلن تكون هناك ثروات ولا أرباح, وربما تقضى على حياة أعداد هائلة, وعندئذ الندم على عدم التضحية ببعض المال وتحمل بعض الخسائر التى يمكن تعويضها، لأننا إذا لم ننتصر فإن الخسائر ستكون أفدح جدا, ولهذا انضم إلى الرئيس السيسى فى الإشادة بجهود وتبرعات وتحمل عدد كبير من رجال الأعمال بعض أعباء المعركة, فهذه معركتهم وليست معركة الحكومة ومؤسسات الجهاز التنفيذى فقط, فالجميع عليه أن يشارك فيها كل حسب قدراته واستطاعته، ورجال الأعمال سيظهر معدنهم ومدى تغليبهم المصلحة العامة للدولة والمجتمع على بعض الأرباح أو الخسائر، وأتوقع منهم أداء أفضل, فلديهم الكثير مما يمكن أن يقدموه، وعليهم المبادرة بالمشاركة فى إنتاج مواد التعقيم والأقنعة الواقية وتوزيعها ليس على عمالهم وموظفيهم فقط, بل فى كل أرجاء مصر, فالسلامة لا يمكن أن تتحقق إلا بالجميع، والمصاب ينقل العدوى إلى خمسة أشخاص على الأقل فى متوالية هندسية، وأى تقصير يعنى أن يتفشى الوباء، ونخسر جميعا المعركة.

وقد قرأت آراء لبعض رجال الأعمال، بعضها كانت تعكس الوعى المجتمعى والوطنى، وأخرى ضيقة النظر، وتصدر الفتاوى غير المدروسة حول موعد التشغيل الكامل للعمل أو تنتقد فرض حظر جزئى، وأتمنى أن يتركوا هذه الجوانب للمختصين من لديهم معلومات كافية وموثقة ودقيقة عن حجم المخاطر والتحديات، فنحن فى أمس الحاجة إلى أقصى درجات التماسك الاجتماعى، ففى مثل تلك الحرب ليس هناك إلا الإنقاذ والانتصار على الوباء الخطير الذى يفتك بمجتمعات ودول متقدمة للغاية، لكن يمكن أن نتميز عنهم فى إعلاء قيم التماسك والتكافل والتضامن بين فئات الشعب، وألا نترك للمتربصين فرصة، لكى يستغلوا تلك الحرب ويحاولوا إحداث الفوضى، ويبثوا الشائعات ويثيروا الذعر، ويحاولو إرباك مؤسسات الدولة وإخافة الناس على أرواحها وأرزاقها، وإذا ما وجد هؤلاء من ينصت لهم ويصدق دعاياتهم وشائعاتهم، فستكون أكبر طعنة فى قلب المجتمع وتضعف مناعته الذاتية، وتسهل لفيروس "كورونا" أن يكون أكثر شراسة وتكاثرا، وتتجمع حوله فيروسات أخرى من مختلف الأنواع، يمكن أن تفتك بالمجتمع، لكن المناعة الذاتية للمصريين ستحقق النصر النهائى على الوباء الخطير، ونعود لننعم بالأمان، فلدينا قوات وطنية يقف فى مقدمتها الأطباء والممرضات والإدارات الصحية، وهؤلاء يقفون فى الجبهة الأمامية لا يشتكون من نقص الإمكانات ويبذلون أقصى جهد، وعلينا أن ندعمهم بتوفير ما ينقصهم، ونوفر لهم الإمدادات البشرية والتجهيزات اللازمة، وأن تتكاتف كل المصانع والمؤسسات لتوفير تلك الإمكانات الطبية، من مواد التعقيم والأقنعة الوقائية، وفى المقدمة القوات المسلحة التى كانت وستظل أول من يلبى النداء، وأول من يستعد ويخوض كل أنواع الحروب بروح الجماعة، ويقدمون دروسا فى الوطنية، ويدعمون الجهاز الطبى بكل أنواع الاحتياجات، من سيارات إسعاف وأطقم طبية ومستشفيات واستعدادات، لإنشاء المزيد من المستشفيات والكثير والكثير مما قدمته وتستعد لتقديمه ليس على الصعيد الصحي فقط، بل الاقتصادى والاجتماعى والتنظيمى، وهو ما يشعرنا بأن لدينا خطوطا دفاعية متعددة ومتكاملة.

إن ما كشفت عنه جماعة الإخوان خلال تلك الحرب لا يضعها فقط فى خانة الأشرار, بل ارتكاب الخيانة العظمى فى وقت الحرب, ولهذا لن يغفر الشعب المصرى لشراذمها وفلولها، لأنها زادت من محاولات النيل من مصر خلال تلك الحرب الشرسة والخطيرة، وراحت تبث سمومها فى كل مكان, ورغم كل محاولاتها المستميتة فى كسر إرادة الشعب، وتحطيم معنوياته وثقته فى نفسه وقيادته, فإنها لن تحقق أى نجاح, بل نالت الغضب والكراهية والنبذ، وزادت من رصيدها فى الكراهية, فلم تترك شيئا إلا وشككت فيه، لكن الحقائق تكشف الأكاذيب وتنهيها فى مهدها حيث نعلن كل يوم الأعداد بكل دقة، ونزيد فى التوعية والتنبيه، ونعتمد على معلومات دقيقة وموثقة، لكى لا تحدث أى ثغرة، لكن للأسف هناك قطاعات من الشعب لا تنفذ التعليمات سواء بإهمال ناجم عن استهتار أو ثقة زائدة أو عدم تقدير ووعى بحجم الخطر, فالتزاحم موجود فى أماكن وتوقيتات عديدة رغم كل الجهود المبذولة للحد من التزاحم والأفراح والتجمعات التى لا ضرورة لها، وهى حقول ألغام لا يمكن التنبه لها إلا بعد فوات الأوان، لأن أعراض المرض لا تظهر إلا بعد فترة طويلة، فلا تنتبه إلى خطره، ولهذا فعلينا جميعا أن نزيد من جرعة التوعية والتخدير، ونعطى النموذج والقدوة، وأن يعمل كل منا فى موقعه، لكى نجتاز تلك الأيام الصعبة التى تبشر بقدرتنا على النجاة والنصر بشرط بسيط هو أن نلتزم ونحمى أنفسنا وأحباءنا، وأن ندرك أن سلامتنا جميعا مترابطة حيث تبدأ سلامتى من سلامة من يعيشون معى فى وطن واحد, بل فى عالم واحد.

المصدر : صدي البلد