جائحة الكورونا.. لم تكن هى الوباء الأول الذى أودى بحياة البشر، فقد عرفت البشرية قبل الكثير من الأوبئة والأمراض التى أودت بحياة ملايين من البشر أمثال الطاعون والملاريا والجذام.. وغيرها من الأمراض التى تطلبت اتخاذ إجراءات احترازية متعددة للحد من انتشار هذه الأوبئة بين البشر من بينها النظافة الشخصية والحجر الصحى والعزل الذاتى والبعد عن التجمعات وغلق الأسواق والمساجد.. ولكن هل تعلم أصل هذه الاجراءات الاحترازية ومن أين أتت، ربما تدهشك المفاجأة عزيزى القارئ أن أسس وقواعد هذه الإجراءات لم تأت من الغرب كما يعتقد البعض ولكنها أتت من الحضارة الإسلامية وعلى يد علمائها أمثال أبو بكر الرازى وابن سينا .
كان الطبيب العربي أبو بكر الرازي (توفي عام 925) شرح في كتابه "الحاوي" تفصيل مرض الجذام وطرق عدواه.
وخصص الرازي كتابًا للأمراض المعدية مثل الجرب والسل والجذام، وكان له كتاب منفصل عن "الحصبة والجدري" توالى طباعته حتى القرن التاسع عشر، وفي مستشفاه الذي أسسه على مبادئ التجربة، قسم الرازي مرضاه مجموعتين لتجنب انتشار المرض، وقد مكن ذلك من إنشاء الحجر الصحي الذي اعتنقه الغرب بشغف
عرفت دمشق تطبيق العزل الصحي، وقام الخليفة الأموي السادس الوليد بن عبد الملك -الذي حكم بين 705 و715 م- ببناء أول مستشفى "بيمارستان" في دمشق وأصدر أمرا بعزل المصابين بالجذام وتجنب اختلاطهم ببقية المرضى في المستشفى. وأجرى الخليفة رواتب للمرضى بما في ذلك المجذومون، وقدم المعونة والعلاج بالمجان، وانتقى أفضل الأطباء والمعالجين لخدمة المرضى.
واستمرت ممارسة الحجر الصحي الإلزامي للجذام في المستشفيات العامة بالعالم الإسلامي لقرون، وفي عام 1431 بنى العثمانيون مستشفى للجذام في أدرنة التي كانت عاصمة عثمانية قبل فتح القسطنطينية (إسطنبول).
وقدم ابن سينا نصائح للوقاية من الطاعون الذي يصفه بـ "الموت الأسود" تتشابه إلى حد كبير مع النصائح المقدمة حاليا للوقاية من فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19)، وهو ما دفع البعض للحديث عن "تنبؤ" ابن سينا بفيروس كورونا منذ 10 قرون!
يقول ابن سينا: "توصلت لنتيجة تفيد بأن جميع الأمراض المعدية تنشأ وتنتشر بواسطة مواد صغيرة جدا (فيروسات) وغير مرئية بالعين المجردة. أعدادها هائلة وهي تسبب الحمى والموت الأسود (الطاعون). وتلتصق هذه المواد بكل شيء (يديك ووجهك وشعرك وملابسك)" كما جاء فى فيلم يوثق سيرته .
وكان ابن سينا توصل إلى طريقة لعزل الناس لمدة 40 يومًا، ومن هنا جاءت فكرة الحجر الصحي، وانتقلت إلى إيطاليا عبر تجار البندقية في القرن 14، حيث كانوا يعزلون ركاب السفن في جزر قريبة لمعرفة إذا ما كان لديهم أعراض الطاعون، قبل أن يسمح لهم بالوصول لشواطئ المدن أثناء الوباء أو الموت الأسود الذي اجتاح أوروبا بين عامي 1347 و1352 ليقضي على قرابة 30% من سكان القارة، أي قرابة عشرين مليون إنسان.
وابن سينا هو أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا، عالم وطبيب .. ولد في بخارى (أوزبكستان حاليًا) وتوفي في همدان (إيران)، وعرف باسم الشيخ الرئيس وسماه الغربيون بأمير الأطباء وأبو الطب الحديث في العصور الوسطى.. وألف 200 كتابا في مواضيع مختلفة، العديد منها يركّز على الفلسفة والطب، ويعد ابن سينا من أول من كتب عن الطبّ في العالم ولقد اتبع نهج أو أسلوب أبقراط وجالينوس، وأشهر أعماله كتاب القانون في الطب الذي ظل لسبعة قرون متوالية المرجع الرئيسي في علم الطب .
المصدر : صدي البلد