دعاء على تكتب: كورونا فيروس الخوارق والمعجزات

طالما كانت الأرض تحتاج إلي إنقاذ من التلوث الذي سادها، وإلي هدوء من الضجيج الذي يعج بكل أرجائها، وأخيرا جاء ( كوفيد19) ليأتي بالرياح التي لا تشتهيها السفن، تلك التي صدرت للبشرية التلوث والضجيج والخوف ليس البيئي وحسب، ولكن تلوث الأفكار والمعتقدات وتغيير سنة الله في خلقه.
وأحيانا ومن وقت لآخر، يحتاج الإنسان إلى صدمة تجعله ينتبه من الغيبوبة التي يعيش ويتعايش معها لوقت طويل، لدرجة أنه يألفها لآلاف الأزمنة، وكانت هي المنهاج الذي يُكون به قناعاته، ليقضي بها ما تبقي من عمره وهو مغيب، حتى تأتيه خارقة أو معجزة ليغير بها مساره رغما عنه، وتتغير بها مسار الكرة الأرضية بوجه عام.
جائحة كورونا كان لها أثر كبير في تحسن المناخ ووضع البيئة، بالرغم من أنها قضت علي الكثير من البشر، وأصابت نحو مليون شخص ومنهم من يتعافى ومنهم من يتوفي، إلا أنها كان لها الأثر الإيجابي الكبير، بإغلاق المصانع ومنع صعود العوادم والأدخنة إلى الغلاف الجوى، ومنع سير المركبات والقطارات وما ينتج عنها من أدخنة لوقت كبير من اليوم، كان له أثر واضح في التقليل من ثقب طبقة الأوزون بحسب دراسة نشرت بمجلةNatureالعلمية.
وعلي الصعيد العلمي فقد رسخت الدول المليارات للبحث العلمي، بدلا من إعطائها للاعبي الكرة، والفنانيين والسفهاء والراقصين والتي كانت أغلب أعمالهم تقدم أشياء تافهة لا فائدة منها بل وكانت اأضا تبث افكارا هدامة.
أما مهنيا فقد أظهرت هذه الأزمة خبرات كنا نستهين بها في السابق، فالجهاز الصحي من أطباء وأطقم التمريض وهم جيشنا الأبيض، لم يتوانوا للحظة في أداء عملهم ورسالتهم الإنسانية ورجال الجيش والشرطة، فهم بحق نجوم المجتمع الذين يستحقون كل التقدير الشكر والاحترام، فقد تركوا حياتهم الشخصية وبيوتهم وعائلاتهم ومنهم من ضحي بنفسه لحماية شعوبهم.
ودوليا فما عادت الدول تتدخل بالشؤون الداخلية للدول الاخرى، فقد أغلقت كل دولة أبوابها ولا تسمع لها حسيسا، لا نزاعات علي أراض أو اتفاقات علي حروب، أين أمريكا وتركيا اللاتي سادتا العالم بسلاحهما النووي وكانتا تهددا به، أصبحتا الآن كالمرأة الأرملة التي مات زوجها فتركت الدنيا وانكبت علي أبنائها لترعاهم، والصين التي غزت العالم بمنتجاتها، فقد انغلقت وقطر وإسرائيل والقارة الاوروبية، واين داعش وتنظيم القاعدة، كل ذلك أصبح هباء منثورا، فجميع الثوابت السياسية والاقتصادية تغيرت.
وعن تغيير نظام التعليم والوظائف والأعمال، والتي اصبحت عبر شبكة الانترنت ( اونلاين)، فالبرغم من أنه مؤقت ولفترة محدودة إلا أنه خفف الضغط والتكدس على الطرقات، ووفرت استهلاك جهد الإنسان وطاقته البدنية والنفسية، في الازدحام بالشوارع، وبالمواصلات العامة، وتخفيف العبء عن المواطن بتوفير مصروفات الدروس الخاصة، ويمكن ان تطبق فكرة التعليم عبر الانترنت مستقبلا فهي في رايي الشخصي تعلم الطلبة الإبداع والبحث عن المعلومة بنفسه، بدلا من الفكرة التقليدية للتعليم وهي التلقين والكتب والمدارس والكشكول والقلم، فهي تجربة قد يكون لها مفعول إيجابي، وتخلق أشخاص مبدعين وباحثين.

المصدر : صدي البلد