التحدى المتمثل في زيارة الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة إلى إيطاليا في عقر دار خطر كورونا وقبلها الصين بلد المنشأ الفيروسي، أثبت أن المصريين ليسوا جبناء أمام التحديات مهما كانت، ففي وقت تهافتت فيه الأخبار عن إجراءات الحجر الصحي لكبار قادة العالم، كانت الدولة المصرية ممثلة في الدكتورة هالة وزيرة الصحة، تقتحم قلب المأساة العالمية التى لعبت فيها أجهزة الإعلام العالمي دور "الفزاع العظيم" أو مع "فيالق الحمقى" على مواقع التواصل الاجتماعي، حسب التعبير الرائع للفيلسوف الإيطالي إمبرتو إيكو عن حال كثيرين من مرتادي تلك المواقع.
وبغض النظر عن رؤيتى شخصيا لتداعيات ظاهرة فيروس كورونا والتي استقيتها من قراءات ومقارنات بين كورونا وغيرها من أنواع الفيروسات المسببة للإنفلونزا على موقع منظمة الصحة العالمية نفسها، ذلك مع استشعار بتعمد الرعب والإرعاب والفزع والإفزاع من جانب مؤسسات وهيئات كبرى "كانت لها قيمتها" إلا أن إجراءات الدولة للاحتراز لا يمكن أن تتهاون ولو باحتمال واحد في المائة لتهويل أو تهوين ما يشاع حتى ولو صح أنه حرب دعاية شديدة السواد، فالأمر على المستوى الرسمي في التعامل يختلف عن رؤيتي الشخصية أيا كانت مبرراتها!.
وكانت أعظم خطوة للمواجهة هو ما حدث من إنفاذ بعثة طبية إلى الصين في أوج الأزمة، تحمل كميات من المواد والمستلزمات الطبية على سبيل المشاركة الفعلية الإيجابية وهو أمر شديد الأهمية والخطورة خاصة لو حدث أن أصيبت الوزيرة بالفيروس كما حدث لكثيرين من وزراء الصحة وكبار المسئولين حتى اقتحم الفيروس قصر باكينجهام نفسه حيث الملكة البريطانية التى تنيف عن التسعين وولي عهدها الذي جاوز السبعين. وتكررت التجربة في إيطاليا التى فاقت الصين في نسب المتوفين والمصابين ودوائر الانتشار.
ولم تكن مغامرة ولكنها عمل يستحق وصفه بالبطولة في المواجهة، ليس مواجهة الفيروس فحسب، بل مواجهة هذا الهلع العظيم الذي أصاب الناس على كل بقعة من بقاع الأرض، فالخطوة تستحق الوصف بأنها تاريخية وجبارة تعكس مدى الثقة لدى أجهزة الدولة المصرية تحت قيادة رئيسها، في مواجهة هذا الهلع على الأرض ولم تقم مناحة كالتى أقامها رئيس الوزراء البريطاني عندما ألقى بتصريحه الأهوج المغرق في الإحباط والقنوط وهو ينذر مواطنيه بأن يستعدوا لوداع أحبتهم.
فقادة الدنيا بدوا مرتبكين ترتعد فرائصهم في أكبر دولها، في الولايات المتحدة كأكبر قوة كوكبية في تاريخ الدنيا وبريطانيا العظمى التى لم تكن تغيب عنها الشمس وفرنسا العلم والحرية وألمانيا التقنيات الجبارة وغيرها من الدول التى كنا نراها شموسا ونمارس أمامها من الدونية إلى درجة الاستحلاب اليومى للشعور بالنقص.
ولا ننسى أن الدكتورة هالة زايد تولت ثقل ملف الصحة في مصر وسط ما لا يمكن تحمله من التنمر والسخرية والهجوم الكاسح من القريب والبعيد، حتى كنت أشفق عليها وعلى أسرتها وأصدقائها من كم وكيف هذا الهجوم اليومي لأى خطوة تخطوها مع ثقتى بأنهم كانوا سيقبلون ما رفضوه من هالة زايد، بل ربما كانوا سيتلقفونه فرحين لو أتاهم من تجاه تلك الدول العظمى أو التي كانت يوما عظمى، فالعظمة الحقيقية في المواجهة والاقتحام المدروس جيدا والذي لو تحقق – بإذن الله- في كل المجالات لتحققت دعوة الرئيس السيسي الشهيرة "مصر أم الدنيا وهتبقى قد الدنيا".
المصدر : صدي البلد