أثارت أزمة كورونا من جديد قضية انتشار الشائعات و الأخبار الزائفة حيث تكون الازمات بيئة خصبة لنشر الاخبار اى مانت حتى و لو لم تكن اخبار موثقة او ذات مصداقية عالية. ففى دراسة لشركة إبسوس لدراسات السوق نشرت نتائجها فى 12 يونيو 2019 إن المصريين هم الأكثر تصديقا للأخبار الكاذبة على الإنترنت، في حين كان الباكستانيون الأكثر تشككا في التعامل معها، وأضافت الدراسة التي أجريت على 25 ألف مستخدم للإنترنت في 24 دولة، أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت سببا في عدم ثقة المستخدم في الإنترنت.
وأظهرت الدراسة، التي تعد أكبر استطلاع عالمي حول أمن الإنترنت والثقة فيه، أن 86% ممن أجريت عليهم الدراسة وقعوا في فخ الأخبار الكاذبة، على الأقل مرة واحدة فيما قال 14% إن ذلك لم يحدث لهم مطلقا، وأوضحت الدراسة أن موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك هو المصدر الأول للأخبار الكاذبة بآراء 77% ممن أجري الاستطلاع عليهم يليه موقع تويتر.
ومشكلة الأخبار الكاذبة باتت أزمة عالمية، تجلت بوضوح بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية في العام 2016، ويرى بعض الخبراء أن شبكات التواصل الاجتماعي، وتكنولوجيا الاتصالات الحديثة، والبرمجيات الحديثة، خاصة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، ساهمت بشكل كبير في توسعة انتشار الشائعات، وجعلت كشف بعضها أكثر صعوبة، خاصة وأن التزييف وصل إلى مقاطع الفيديو، التي يتم إنتاجها بتقنيات عالية الجودة.
و توصلت دراسة أخرى أشرف عليها باحثون من معهد ماساتشوستس للتقنية، إلى أن الأخبار الزائفة تنتشر على موقع تويتر بشكل أسرع، ويبحث عنها الناس أكثر من الأخبار الحقيقية.
وركزت هذه الدراسة على نحو 126 ألف شائعة وخبر كاذب، انتشروا على موقع تويتر عبر مدة 11 عاما، لتجد أن الأخبار الزائفة جرى إعادة تغريدها من جانب البشر أكثر من روبوتات الإنترنت.
وأرجع الباحثون ذلك إلى أن الأخبار الزائفة غالبا ما تكون غير مألوفة.وكانت أكثر القضايا التي جرى تداول أخبار زائفة عنها هي القضايا السياسية، تلتها قضايا أخرى مثل المال والأعمال والعلوم والترفيه والكوارث الطبيعية والإرهاب.
ونشرت نتائج الدراسة في دورية Science الشهيرة متضمنة ما يلي:فرصة الأخبار الزائفة في المشاركة أكثر بنسبة 70 في المئة، مقارنة بالأخبار الحقيقية.تستغرق الأخبار الحقيقية 6 أضعاف المدة التي تستغرقها الزائفة لتصل إلى 1500 شخص.الأخبار الحقيقية نادرا ما يُشاركها أكثر من 1000 شخص، بينما قد يشارك بعض الأخبار الزائفة أكثر من 100 ألف شخص.
ويحدّد الباحثون سبعة أنواع من الأخبار الزائفة:1- السخرية : .2- الربط الخاطئ: "العناوين الرئيسة أو المواد البصرية أو العناوين الفرعية وكلام الصور لا تدعم المضمون".3- المضمون المضلِّل: "استخدام مضلِّل للمعلومات بهدف وضع مسألة أو شخص ما في إطار معيّن".4- المضمون الخاطئ: "عندما يتم نشر مضمون حقيقي عبر الاستعانة بمعلومات سياقية خاطئة".5- المضمون التدجيلي: "عند انتحال صفة مصادر حقيقية" عبر اختلاق مصادر كاذبة.6- المضمون الذي جرى التلاعب به: "عندما يتم التلاعب بمعلومات أو صور حقيقية بهدف الخداع"، كما هو الحال عند تعديل الصور والتلاعب بها لأغراض معيّنة.7- المضمون الملفق: "المضمون الجديد كاذب مئة في المئة، بهدف الخداع والتسبب بالأذي.
فالمواجهة الاعلامية والاليكترونية للاخبار الزائفة تقتضى التركيز على العمل الصحافي الميداني والاستقصائي فهو الوسيلة الأكثر فعالية في التأكد من صحة الأخبار وإثباتها وبالتالي التمكن من بثها للجمهور، و أن أهم سلاح لمواجهة الأخبار الزائفة يكمن في الوجود على الأرض وبحث الصحافي عن الحقائق بنفسه. مع الاخذ بتجارب بعض الدول و مؤسساتها الصحفية و الاعلامية منها صحيفة "لو موند" أنشأت، في الأول من شباط 2017، أداة DECODEX(27) للمساعدة على تمييز المعلومات الصحيحة من تلك الكاذبة، ويمكن إدخال المواقع الإلكترونيّة عبر خانة لهذه الخاصية فيعطي "ديكودكس" جوابا عمّا إذا كان الموقع المذكور موثوقا به أم لا .
وصفحة Check News التي أطلقها موقع ليبراسيون، وهو أول موقع إلكتروني للتحقق من الأخبار، وفي عام 2017 أطلق خدمة "ديزينتوكس"، للإجابة عن أسئلة القراء والكشف عن حقيقة الأخبار، وقام الفريق الذي يعمل بهذه الخدمة بالإجابة عن 1253 سؤال حتى الآن.
و على المستوى العربى ما قا م به موقع صحيفة (النهار) اللبنانية حيث أطلق حملة لتقصّي الأخبار الكاذبة الرائجة على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل معرفة أصل التضليل وكشف الحقيقة، وتعاون مع كبريات الصحف العالمية للاستفادة من تجاربها، ونظم دورات للصحفيين لتدريبهم على آليات الكشف عن الأخبار الكاذبة وتقديم الحقيقة للجمهور، كما يتلقى الموقع أسئلة الجمهور حول الأخبار المنشورة بالموقع، ثم يقوم بتدقيقها .كما أنشات صحيفة (النهار) 2019 صفحة على شبكة الإنترنت بعنوان Lebanon news.com، ونشرت عليها ثلاثة روابط تتضمن أخبارا زائفة، وهي: "الكهرباء 24/24 ساعة في المناطق اللبنانية كافة..إليكم التفاصيل"، و"وباء خطير ينتشر في لبنان… 300 ضحية في شهر واحد"، و"سعر صفيحة البنزين يرتفع إلى 40 ألف ليرة …إليكم التفاصيل". وقد شمل المضمون عنوان الخبر الزائف، وتحته مباشرة جاء إعلان (النهار) الذي يحذر الشخص من أنه قام بالضغط على رابط مُضلل لخبر زائف، ويدعوه إلى عدم مشاركة أخبار مماثلة.
وأطلقت أيضا منظمة "مراسلون بلا حدود" ومؤسسات إعلامية كبرى مبادرة لمكافحة الأخبار المضللة والتي تضمنت مجموعة جديدة من معايير الثقة والشفافية للصحفيين. وذلك وفق لما ذكرته سكيني.
كما اطلق موقع فيسبوك أطلق حملة دعائية تهدف إلى تثقيف ما يقدر بـ 6.1 مليون مستخدم على تحديد الأخبار الوهمية وتقديم أدوات جديدة تساعد على كشف المحتوى غير الصحيح.
كما قامت شركة "جوجل" في تدوينة لها، بمضاعفة خطواتها في منع ما وصفته بالأخبار "الكاذبة"، من خلال مبادرتين جديدتين لدعم الصحافة "الموضوعية"، ومحاربة نشر الأخبار الخاطئة. وتعهدت "غوغل"، باستثمار 300 مليون دولار أميركي في السنوات الثلاث القادمة.
و كشفت وكالة “أسوشيتد بريس” الأمريكية فى يوليو 2018، أن شركة “تويتر” قامت بتعليق ما لا يقل عن 58 مليون حساب خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من سنة 2017، في إطار حملتها ضد الأخبار الزائفة والحسابات المشبوهة.
و فى هذا الإطار اعدت بعض الشبكات الإعلامية دليل لمواجهة الأخبار المزيفة سيكون مثار الحديث فى المقال القادم .
المصدر : صدي البلد