في ذكرى إنشائها.. تعرف على أسرار ترحيب أهالي الإسكندرية باحتلال الغزاة.. وعلاقة كليوباترا بحرق مكتبتها

عروس البحر المتوسط، لؤلؤة البحر المتوسط، المدينة الساحرة، وغيرها من الألقاب التى أطلقت على مدينة الإسكندرية العاصمة الثانية لجمهورية مصر العربية التى بناها القائد الإغريقي الإسكندر الأكبر، والتى تم بناؤها فى مثل هذا اليوم الموافق 7 أبريل عام 332 قبل الميلاد .. ولكن هل تعرف المزيد عن تاريخ الإسكندرية؟، وفى هذا التقرير يستعرض صدى البلد تاريخ مدينة الإسكندرية والكثير من المعلومات عن هذه المدينة العريقة.

حقيقة تسبب لعنة الفراعنة فى انتشار كورونا ووفاة توت عنخ آمون بالوباء.. زاهى حواس يجيب

عاش هنا يوثق تسبب سراج منير فى وفاة والده.. واسرار علاقته بـ ميمى شكيب وفيلم تسبب فى إفلاسه.. وكواليس نجاته من الأسر بألمانيا

تعد الإسكندريةّ العاصمة الثانية لمصر وقد كانت عاصمتها قديما، وهي عاصمة لمحافظة الإسكندرية وأكبر مدنها، تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط بطول حوالي 55 كم شمال غرب دلتا النيل، يحدها من الشمال البحر المتوسط، وبحيرة مريوط جنوبًا حتى الكيلو 71 على طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي، يحدها من جهة الشرق خليج أبو قير ومدينة إدكو، ومنطقة سيدي كرير غربًا حتى الكيلو 36.30 على طريق الإسكندرية – مطروح السريع.

تضم الإسكندرية بين طياتها الكثير من المعالم المميزة، إذ يوجد بها أكبر موانئ مصر البحرية (ميناء الإسكندرية وميناء الدخيلة) فتمر بالمدينة نحو 80% من إجمالي الواردات والصادرات المصرية، وتضم أيضًا مكتبة الإسكندرية الجديدة التي تتسع لأكثر من 8 ملايين كتاب، كما يضم العديد من المتاحف والمواقع الأثرية مثل قلعة قايتباي وعمود السواري وغيرها، يبلغ عدد سكان الإسكندرية حوالي 4,123,869 نسمة (حسب تعداد 2006) يعملون بالأنشطة التجارية والصناعية والزراعية. تنقسم الإسكندرية إلى تسعة أحياء إدارية هي حي أول المنتزة، حي ثان المنتزة، حي شرق، حي وسط، حي غرب، حي الجمرك، حي العجمي، حي أول العامرية، وحي ثان العامرية

بدأ العمل على إنشاء الإسكندرية على يد الإسكندر الأكبر فى السابع من ابريل سنة 332 ق.م عن طريق ردم جزء من المياه يفصل بين جزيرة ممتدة أمام الساحل الرئيسي تدعى "فاروس" بها ميناء عتيق، وقرية صغيرة تدعى "راكتوس" أو "راقودة" يحيط بها قرى صغيرة أخرى تنتشر كذلك ما بين البحر وبحيرة مريوط، واتخذها الإسكندر الأكبر وخلفاؤه عاصمة لمصر لما يقارب ألف سنة، حتى الفتح الإسلامي لمصر على يد عمرو بن العاص سنة 641، اشتهرت الإسكندرية عبر التاريخ من خلال العديد من المعالم مثل مكتبة الإسكندرية القديمة والتي كانت تضم ما يزيد عن 700,000 مجلّد، ومنارة الإسكندرية والتي اعتبرت من عجائب الدنيا السبع، وذلك لارتفاعها الهائل الذي يصل إلى حوالي 120 مترًا، وظلت هذه المنارة قائمة حتى دمرها زلزال قوي سنة 1307.

ويرى المؤرخون أن اختيار الإسكندر لمدينة الإسكندرية كي تكون عاصمة لدولته، استهدى في ذلك بتوجيه معلمه الروحي هوميروس في ملحمة "الأوديسة"، حيث ذهب "تليماك" ابن "أودسيوس" ملك إيثاكا، إلى مينيلاوس ملك إسبرطة، يسأله إن كان يعرف شيئا عن مصير والده المختفي، فحكى مينيلاوس عن أهوال الحرب وشجاعة ملك إيثاكا وجيشه المفقود، وأنه بعدما أضنى التعب جيوشهم، بلغوا شواطئ مصر، عند جزيرة فاروس، وهناك كما يقول ملك إسبرطة: "ارتوينا من كوثر هذه البلاد التي تجري من تحتها الأنهار".

في بداية القرن الرابع قبل الميلاد، لم تكن الإسكندرية سوى قرية صغيرة تدعى "راكتوس" أو "راقودة" يحيط بها قرى صغيرة، يقول عنها علماء الآثار أنها ربما كانت تعدّ موقعًا إستراتيجيًا لطرد الأقوام التي قد تهجم من حين إلى آخر من الناحية الغربية لوادي النيل، أو لربما كانت "راكتوس" مجرد قرية صغيرة تعتمد على الصيد ليس إلا، وعلى امتداد الساحل الرئيسي للقرية توجد جزيرة تسمى "فاروس" يوجد بها ميناء يخدم الجزيرة والقرى الساحلية معًا. في ذلك الوقت كانت مصر تحت الاحتلال الفارسي منذ سقوط حكم الفراعنة والأسرة الثلاثون عام 343 ق.م، ولم تكن مصر الوحيدة الواقعة تحت احتلال الفرس، فقد كانت بلاد الشام والعراق واقعة تحت هذا الاحتلال، وفي مقابل قوة الفرس كانت قوة الاغريق في ازدياد سريع، وبدأت المواجهة بينهما في ربيع عام 334 ق.م، واستمرت المعارك بينهما حتى دخل الإسكندر الأكبر مدينة صور ومن ثم إلى غزة حتى أتم دخول مصر عام 333 ق.م.

بعد دخول الإسكندر الأكبر مصر وطرده للفرس منها، استقبله المصريون بالترحاب نظرًا للقسوة التي كانوا يُعاملون بها تحت الاحتلال الفارسي، ولكي يؤكد الإسكندر الأكبر أنه جاء إلى مصر صديقًا وحليفًا وليس غازيًا مستعمرًا، اتجه لزيارة معبد الإله آمون إله مصر الأعظم في ذلك الوقت، فذهب إلى المعبد في واحة سيوة، وأجرى له الكهنة طقوس التبني ليصبح الإسكندر الأكبر ابنًا للإله آمون، ولُقب فيما بعد بابن آمون، وفي طريقه إلى المعبد مرّ بقرية للصيادين كانت تُسمى "راقودة"، فأعجب بالمكان وقرر أن يبني مدينة تحمل اسمه لتكون نقطة وصل بين مصر واليونان وهي مدينة الإسكندرية (باليونانية القديمة: Ἀλεξάνδρεια ἡ κατ' Αἴγυπτον؛ وباليونانية الحديثة: Αλεξάνδρεια)، وعهد ببنائها إلى المهندس دينوقراطيس، والذي شيدها على نمط المدن اليونانية، ونسقها بحيث تتعامد الشوارع الأفقية على الشوارع الرأسية، وبعد عدة شهور ترك الإسكندر مصر متجهًا نحو الشرق ليكمل باقي فتوحاته، ففتح بلاد فارس، لكن طموحاته لم تتوقف عند هذا الحد بل سار بجيشه حتى وصل إلى الهند ووسط آسيا، وبينما كان الإسكندر هناك فاجأه المرض الذي لم يدم طويلًا حيث داهمه الموت بعد عشرة أيام وهو لم يتجاوز الإثنين والثلاثين من عمره.

اتسمت الإسكندرية في مطلعها بالصبغة العسكرية كمدينة للجند الإغريق، ثم تحولت أيام البطالمة الإغريق إلى مدينة ملكية بحدائقها وأعمدتها الرخامية البيضاء وشوارعها المتسعة، وتحوّلت في ذلك الحين إلى عاصمة لمصر، وأصبحت إحدى حواضر العلوم والفنون بعد أن شاد فيها البطالمة عددًا من المعالم الكبرى من شاكلة مكتبتها الضخمة التي تعد أول معهد أبحاث حقيقي في التاريخ، ومنارتها التي أصبحت أحد عجائب الدنيا السبع في العالم القديم، وكانت تطل على البحر وجنوب شرقي الميناء الشرقي الذي كان يطلق عليه الميناء الكبير؛ إذا ما قورن بينه وبين ميناء هيراكليون عند أبو قير على فم أحد روافد النيل القديمة التي اندثرت، وحاليًا انحسر مصب النيل ليصبح علي بعد 20 كيلومترًا من أبوقير عند رشيد.

ضعت المدينة اسميًا للرومان سنة 80 ق.م، وفقًا لرغبة بطليموس العاشر، واستمر الأمر على هذا المنوال قرابة قرن من الزمن قبل أن تسقط بيد يوليوس قيصر سنة 47 ق.م، عندما استغلت روما النزاع والحرب الأهلية القائمة بين بطليموس الثالث عشر ومستشاريه وشقيقته كليوبترا السابعة، وبعد عدة معارك انتصر قيصر وتم قتل أخيها، وبذلك استطاعت كليوباترا الانفراد بحكم مصر، وعلى أحد آراء بعض المؤرخين فقد تم حرق مكتبة الإسكندرية الشهيرة في ذلك الوقت في صراع يوليوس قيصر مع بطليموس الثالث عشر. سقطت المدينة بيد القائد "أوكتافيوس" الذي أصبح لاحقًا الإمبراطور "أغسطس" في 1 أغسطس سنة 30 ق.م، وبهذا أصبحت مصر ولاية رومانية. ظلت الإسكندرية أكبر مدينة في الإمبراطورية الرومانية الواسعة بعد روما العاصمة، وأقدم الرومان على عمل العديد من الإصلاحات فيها، فقاموا بتجديد وإعادة حفر القناة القديمة التي كانت تربط نهر النيل والبحر الأحمر لخدمة التجارة، وكذلك فقد أعطى الرومان لليهود في الإسكندرية، والذين كانوا يمثلون جزءا أساسيا من التركيبة السكانية للمدينة، حريات كثيرة وسمح لهم بإدارة شئونهم الخاصة. غير أن كل ذلك لم يوقف حركات التمرد والتوتر في المدينة والتي وصف أحد الكتاب القدماء أهلها بأنهم "الأكثر رغبة في الثورة والقتال من أي قوم آخر"، فمن تمرد اليهود في عام 116م، والتوتر المتواصل بين اليهود واليونان على مسائل قديمة، فضلًا عن احتجاج السكندريون بصفة عامة على الحكم الروماني، والذي أدى في عام 215م وعلى إثر زيارة الإمبراطور الروماني إلى الإسكندرية إلى قتل ما يزيد عن عشرين ألف سكندري بسبب قصيدة هجاء قيلت في الرجل. غير أن من أهم أسباب الاضطراب هو أن العالم قد شهد أحد أهم الأحداث في التاريخ وهو ميلاد الديانة المسيحية، والتي تزامنت مع بداية الحكم الروماني في مصر، وحيث أن الديانة الجديدة بدأت تجذب الكثير من المصريين وتدعوهم إلى نبذ الوثنية وعبادة الله، فقد بدأ عصر جديد من الاضطهاد حيث كانت روما تريد فرض عبادة الإمبراطور وكذلك العبادات الوثنية على المصريين. ضربت موجة تسونامي هائلة المدينة بتاريخ 21 يوليو سنة 365، جرّاء زلزال وقع بالقرب من جزيرة كريت، ونجم عنها خراب ودمار كبيرين.

بعد وفاة النبي محمد، خرج العرب المسلمون من شبه الجزيرة العربية لنشر الإسلام في أنحاء العالم المعروف، فانطلق عمرو بن العاص من القدس إلى مصر، بعد أن شاور الخليفة عمر بن الخطاب، سالكًا الطريق التي سلكها قبله قمبيز والإسكندر الأكبر. واصطدمت القوة العربية بالروم في مدينة الفرماء، مدخل مصر الشرقية، فسقطت المدينة بيد عمرو، ثم تبعتها بلبيس. وكان المقوقس، عامل الروم على مصر، قد تحصن بحصن إزاء جزيرة الروضة على النيل، ورابط عمرو في عين شمس. ولما وصلت الإمدادات من الخليفة عمر، تقاتل الفريقان في منتصف الطريق بين المعسكرين، فانهزم المقوقس واحتمى بالحصن، ولمّا ضيّق عمرو عليه الحصار اضطر إلى القبول بدفع الجزية.

وتابع عمرو استيلائه على المدن المصرية، ولم يبق إلا الإسكندرية قصبة الديار المصرية وثانية حواجز الإمبراطورية البيزنطية. وكان الأسطول البيزنطي يحميها من البحر، ولكن شدّة الغارات البريّة العربية، وموت هرقل وارتقاء ابنه قسطنطين الثاني عرش الإمبراطورية وكان حديث السن، جعلت الروم يوافقون على شروط الصلح، فجلت قواتهم وأسطولهم عن المدينة ودخلها المسلمون فاتحين، وأطلقوا الحرية الدينية للأقباط وأمّنوهم على ممتلكاتهم وأرواحهم.

المصدر : صدي البلد