سيد مندور يكتب: نفحات ليلة النصف من شعبان

إن لربكم فى أيام دهركم لنفحات ألا فتعرضوا لها.. فقد إختار المولى سبحانه وتعالى من الأيام أيام فيها تجليات ونفحات، ومن هذه الليالى ليلة النصف من شعبان، ولهذه الليلة أهمية خاصّة في الإسلام لأنه تم فيها تحويل القبلة من بيت المقدس إلى بيت الله الحرام بمكة المكرمة بالعام الثاني من الهجرة بعد أن صلى المسلمون قرابة الستة عشر شهرًا تقريبًا تجاه المسجد الأقصى.
وكما قال العلماء والعباد والزهاد، إن من شرف هذه الليلة كثرة أسمائها فهي، ليلة البراءة وليلة الدعاء و ليلة الإجابة وليلة الشفاعة وليلة القِسمة والليلة المباركة وليلة الغفران والعتق من النيران .
وقيل في كتب التراث الإسلامي أيضا إن للملائكة في السماء ليلتي عيد كما أن للمسلمين في الأرض يومي عيد، فعيد الملائكة ليلة البراءة وهي ليلة النصف من شعبان وليلة القدر، ويومي عيد المسلمين يوم الفطر ويوم الأضحى. ولهذا سُميت ليلة النصف من شعبان ليلة عيد الملائكة وتسمى أيضًا ليلة التكفير وليلة الشفاعة.
هل عرفتم إذن لماذا يبحث الناس على شبكة الانترنت ويتساءلون عن فضل ليلة النصف من شعبان وعبادات النصف من شعبان؟
إن ليلة النصف من شعبان ليلة مباركة ورد في فضلها أحاديث كثيرة منها قول نبي الإنسانية والمحبة صلى الله عليه وسلم : « إن الله يطلع على عباده في ليلة النصف من شعبان فيغفر للمؤمنين ويملي للكافرين ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه » رواه الإمام أحمد في مسنده .
ومعنى يُملي للكافرين: أي يُمهلهم لعلهم يرجعون. ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه : أي أن أهل الحقد والكراهية لا يُغفر لهم حتى يتركوا حقدهم ويُطهروا قلوبهم فهم محرومون من المغفرة ليلة النصف من شعبان.
ويقول صلوات ربي وسلامه عليه : « إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها، فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى السماء الدنيا فيقول : ألا من مستغفر فأغفر له ألا مسترزق فأرزقه ألا مبتلى فأعافيه ألا كذا ألا كذا حتى يطلع الفجر» رواه بن ماجة والبيهقي في شعب الإيمان .
وقد ذهب جمهور فقهاء الأمة في ليلة النصف من شعبان وفضلها قولهم إلى ندب إحياء ليلة النصف من شعبان لأنها تكفر ذنوب السنة الماضية، كما أن ليلة الجمعة تكفر ذنوب الأسبوع، وليلة القدر تكفر ذنوب العمر، ولأن هناك خمس ليال لا يرد فيهن الدعاء : « من أحيا الليالي الخمس وجبت له الجنة، ليلة التروية وليلة عرفة وليلة النحر وليلة الفطر وليلة النصف من شعبان » رواه الأصبهاني في كتابه "الترغيب والترهيب" .
وهذه الليلة مختصة بخمس خصال ( وهذا ما نقل من كتاب الكشاف للزمخشري ): الأولى : تفريق كل أمر حكيم فيها قال تعالى : (فيها يفرق كل أمر حكيم) . والثانية : فضيلة العبادة فيها . أما الخصلة الثالثة : نزول الرحمة فقال عليه الصلاة والسلام : إن الله يرحم أمتي في هذه الليلة بعدد شعر أغنام بني كلب.
أما الخصلة الرابعة : حصول المغفرة للعباد في تلك الليلة إلا لمشاحن أو مدمن خمر أو عاق للوالدين أو مصر على الزنا. والخصلة الخامسة : أنه تعالى أعطى رسوله في هذه الليلة تمام الشفاعة وذلك أنه سأل ليلة الثالث عشر من شعبان في أمته فأعطي الثلث منها ثم سأل ليلة الرابع عشر فأعطي الثلثين ثم سأل ليلة الخامس عشر فأعطي الجميع إلا من شرد على الله شراد البعير.
ويرى كثير من العلماء مثل محمد علوي المالكي وفضيلة الشيخ حسنين محمد مخلوف مفتى الديار المصرية والشيخ علي جمعة وعبد الله صديق الغماري وغيرهم بأن الأحاديث الواردة في فضل هذه الليلة صحيحة وحتى الضعيف منها فيعمل به في هذا الباب لأنه من فضائل الأعمال ويقولون بأنه قد ورد عن جماعة من السلف اعتنائهم بهذه الليلة واجتهادهم بالعبادة فيها – كما قال ذلك ابن رجب الحنبلي .
فعلينا أن نجتهد فى هذه الليلة المباركة من صيام نهارها وقيام ليلها، وأن نكثر من الدعاء والابتهال إلى الله عز وجل بأن يكشف عنا هذا البلاء وهذا الكرب.
فقد رأينا ياربنا قدرتك فنريد أن نرى عفوك يا صاحب العفو والمغفرة.. يارب نعترف بذنوبنا وتقصيرنا ولكنك كتبت على نفسك الرحمة فارحمنا يا أرحم الراحمين.. ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.. يارب يا أرحم الراحمين.

المصدر : صدي البلد